في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَإِن كَذَّبُوكَ فَقَدۡ كُذِّبَ رُسُلٞ مِّن قَبۡلِكَ جَآءُو بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَٱلزُّبُرِ وَٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡمُنِيرِ} (184)

180

وهنا يلتفت إلى الرسول [ ص ] مسليا مواسيا ، مهونا عليه ما يلقاه منهم ، وهو ما لقيه إخوانه الكرام من الرسل على توالي العصور :

( فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك ، جاؤوا بالبينات والزبر والكتاب المنير ) .

فما هو أول رسول يتلقى بالتكذيب . والأجيال المتعاقبة - وبخاصة من بني إسرائيل - تلقوا بالتكذيب رسلا جاءوهم بالبينات والخوارق ، وجاءوهم بالصحائف المتضمنة للتوجيهات الإلهية - وهي الزبر - وجاءوهم بالكتاب المنير كالتوراة والإنجيل . . فهذا هو طريق الرسل والرسالات . . وما فيه من عناء ومشقة . وهو وحده الطريق .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَإِن كَذَّبُوكَ فَقَدۡ كُذِّبَ رُسُلٞ مِّن قَبۡلِكَ جَآءُو بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَٱلزُّبُرِ وَٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡمُنِيرِ} (184)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ فَإِن كَذّبُوكَ فَقَدْ كُذّبَ رُسُلٌ مّن قَبْلِكَ جَآءُوا بِالْبَيّنَاتِ وَالزّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ } .

وهذا تعزية من الله جلّ ثناؤه نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم على الأذى الذي كان يناله من اليهود وأهل الشرك بالله من سائر أهل الملل . يقول الله تعالى له : لا يحزنك يا محمد كذب هؤلاء الذين قالوا : إن الله فقير ، وقالوا : إن الله عهد إلينا أن لا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار ، وافتراؤهم على ربهم اغترارا بإمهال الله إياهم ، ولا يعظمنّ عليك تكذيبهم إياك ، وادّعاؤهم الأباطيل من عهود الله إليهم ، فإنهم إن فعلوا ذلك بك فكذّبوك ، كذبوا على الله ، فقد كذبت أسلافهم من رسل الله قبلك من جاءهم بالحجج القاطعة العذر ، والأدلة الباهرة العقل ، والاَيات المعجزة الخلق ، وذلك هو البينات . وأما الزبر : فإنه جمع زبور : وهو الكتاب ، وكل كتاب فهو زبور ، ومنه قول امرىء القيس :

لَمِنْ طَلَلٌ أبْصَرْتُهُ فَشَجانِي *** كَخَطّ زَبُورٍ فِي عَسِيبِ يَمَانِي

ويعني بالكتاب : التوراة والإنجيل ، وذلك أن اليهود كذّبت عيسى وما جاء به وحرّفت ما جاء به موسى عليه السلام من صفة محمد صلى الله عليه وسلم ، وبدلت عهده إليهم فيه ، وأن النصارى جحدت ما في الإنجيل من نعته وغيرت ما أمرهم به في أمره .

وأما قوله : { المُنِيرِ } فإنه يعني : الذي ينير فيبين الحقّ لمن التبس عليه ويوضحه ، وإنما هو من النور والإضاءة ، يقال : قد أنار لك هذا الأمر ، بمعنى : أضاء لك وتبين ، فهو ينير إنارة ، والشيء المنير . وقد :

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا أبو زهير ، عن جويبر ، عن الضحاك : { فإنْ كَذّبوكَ فَقَدْ كُذّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ } قال : يعزّى نبيه صلى الله عليه وسلم .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : { فإنْ كَذّبُوكَ فَقَدْ كُذّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ } قال : يعزّي نبيه صلى الله عليه وسلم .

وهذا الحرف في مصاحف أهل الحجاز والعراق : «والزّبُرِ » بغير باء ، وهو في مصاحف أهل الشام : «وبالزبر » بالباء مثل الذي في سورة فاطر .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَإِن كَذَّبُوكَ فَقَدۡ كُذِّبَ رُسُلٞ مِّن قَبۡلِكَ جَآءُو بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَٱلزُّبُرِ وَٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡمُنِيرِ} (184)

{ فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاؤوا بالبينات والزبر والكتاب المنير } تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم من تكذيب قومه واليهود ، والزبر جمع زبور وهو الكتاب المقصور على الحكم من زبرت الشيء إذا حسبته ، والكتاب في عرف القرآن ما يتضمن الشرائع والأحكام ولذلك جاء الكتاب والحكمة متعاطفين في عامة القرآن . وقيل الزبر المواعظ والزواجر ، من زبرته إذا زجرته . وقرأ ابن عامر وبالزبر وهشام وبالكتاب بإعادة الجار للدلالة على أنها مغايرة للبينات بالذات .