قوله : { فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ } ليس جواباً ، بل الجوابُ محذوف ، أي : فقل ، ونحوه ؛ لأن هذا قد مضَى وتحقَّق ، والجملة من " جَاءُوا " في محل رفع ، صفة لِ " رُسُلٌ " و " مِنْ قَبْلِكَ " متعلق ب " كُذِّبَ " والباء في " بِالبَيِّنَاتِ " تحتمل الوجهين ، كنظيرتها .
ومعنى الآية : فإن كذبوك في قولك : إنَّ الأنبياء المتقدمين أتَوْا بالقُرْبان .
ويحتمل أن يكون المعنى : فإن كذبوك في أصل النبوة - وهو أولى - والمرادُ بالبيناتِ المعجزاتِ .
وقرأ الجمهورُ : " وَالزبر والكتاب " {[6251]} - من غير باء الجر - وقرأ ابنُ عامر " وَبِالزُّبُرِ " - بإعادتها{[6252]} - وهشام وحده عنه " وَبِالْكِتَابِ " - بإعادتها أيضاً - وهي في مصاحف الشاميين كقراءة ابنِ عامر ، فَمَنْ لم يأتِ بها اكتفى بالعطفِ ، ومن أتى بها كان ذلك تأكيداً .
والزُّبر : جمع زَبُور - بالفتح - ويقال : زُبور - بالضم أيضاً - وهل هما بمعنىً واحد أو مختلفان ؟ سيأتي الكلام عليهما - إن شاء الله تعالى - في النساء في قوله :
{ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً } [ النساء : 163 ] . واشتقاقه من زَبَرْتُ : أي : كتبتُ وزَبَرْته : قرأتهُ ، وَزَبرْته : حسَّنْت كتابتَه ، وزَبَرْته : زَجَرته . فزبور - بالفتح - فَعُول بمعنى مفعول - كالركوب بمعنى : المركوب - والحلوب - بمعنى المحلوب - والمعنى : الكُتُب المزبورة ، أي : المكتوبة ، والزُّبُر : جمع زبور ، وهو الكتاب .
لمَنْ طَلَلٌ أبصَرْتُهُ فَشَجانِي *** كَخَطِّ زَبُورٍ في عَسِيبِ يَمَانِي{[6253]}
وقيل : اشتقاق اللفظة من الزَّبْرَة ، وهي قطعة الحديد المتروكة بحالها .
وقيل : الزبور من الزَّبْر - بمعنى : الزجر - تقول : زبرت الرجل : أي : نهرته . وزبرت البئر : أي : طويتها بالحجارة .
فإن قيل : لِمَ عطف " الْكِتَابِ المُنِيرِ " على " الزُّبُرِ " مع أن الكتاب المنير من الزُّبُر ؟
فالجوابُ : لأن الكتاب المنير أشرف الكتب ، وأحسن الزبر ، فحسُن العطف ، كقوله :
{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّيْنَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ }
[ الأحزاب : 7 ] . وقوله : { وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ } [ البقرة : 98 ] . ووجه شرفه : كونه مشتملاً على جميع الشريعة ، أو كونه باقياً على وَجْه الدَّهْر .
وقيل : المراد ب " الزُّبُر " الصُّحُف ، والمراد ب " الْكِتَابِ الْمُنِيرِ " التوراة والإنجيل والزبور .
و " الْمُنِير " اسم فاعل من أنار ، أي : أضاء ، وهو الواضح . والمراد بهذه الآية - تسلية قلب الرسول - صلى الله عليه وسلم بما جرى على الأنبياء قبله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.