في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلٗا مِّن قَبۡلِكَ مِنۡهُم مَّن قَصَصۡنَا عَلَيۡكَ وَمِنۡهُم مَّن لَّمۡ نَقۡصُصۡ عَلَيۡكَۗ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأۡتِيَ بِـَٔايَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ فَإِذَا جَآءَ أَمۡرُ ٱللَّهِ قُضِيَ بِٱلۡحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلۡمُبۡطِلُونَ} (78)

78

( ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك ، منهم من قصصنا عليك ، ومنهم من لم نقصص عليك ؛ وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله ، فإذا جاء أمر الله قضي بالحق ، وخسر هنالك المبطلون ) . .

إن لهذا الأمر سوابق كثيرة ، قص الله على رسوله بعضها في هذا الكتاب ، وبعضها لم يقصصه . وفيما قصه من أمر الرسل ما يشير إلى الطريق الطويل الواصل الواضح المعالم ؛ وما يقرر السنة الماضية الجارية التي لا تتخلف ؛ وما يوضح حقيقة الرسالة ووظيفة الرسل وحدودها أدق إيضاح .

وتؤكد الآية حقيقة تحتاج إلى توكيدها في النفس ، وتتكىء عليها لتقررها تقريراً شديداً :

( وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله ) . .

فالنفس البشرية - ولو كانت نفس رسول - تتمنى وترغب أن تستعلي الدعوة وأن يذعن لها المكابرون سريعاً . فتتطلع إلى ظهور الآية الخارقة التي تقهر كل مكابرة . ولكن الله يريد أن يلوذ عباده المختارون بالصبر المطلق ؛ ويروضوا أنفسهم عليه ؛ فيبين لهم أن ليس لهم من الأمر شيء ، وأن وظيفتهم تنتهي عند حد البلاغ ، وأن مجيء الآية هو الذي يتولاه حينما يريد . لتطمئن قلوبهم وتهدأ وتستقر ؛ ويرضوا بكل ما يتم على أيديهم ويدعوا الأمر كله بعد ذلك لله .

ويريد كذلك أن يدرك الناس طبيعة الألوهية وطبيعة النبوة ، ويعرفوا أن الرسل بشر منهم ، اختارهم الله ، وحدد لهم وظيفتهم ، وما هم بقادرين ولا محاولين أن يتجاوزوا حدود هذه الوظيفة . .

كذلك ليعلم الناس أن تأخير الآيات رحمة بهم ؛ فقد قضى في تقديره بأن يدمر على المكذبين بعد ظهور الآيات . وإذن فهي مهلة ، وهي من الله رحمة :

( فإذا جاء أمر الله قضي بالحق وخسر هنالك المبطلون ) . .

ولم يعد هناك مجال لعمل ولا لتوبة ولا لرجعة بعد قضاء الله الأخير .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلٗا مِّن قَبۡلِكَ مِنۡهُم مَّن قَصَصۡنَا عَلَيۡكَ وَمِنۡهُم مَّن لَّمۡ نَقۡصُصۡ عَلَيۡكَۗ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأۡتِيَ بِـَٔايَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ فَإِذَا جَآءَ أَمۡرُ ٱللَّهِ قُضِيَ بِٱلۡحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلۡمُبۡطِلُونَ} (78)

وقوله { فإذا جاء أمر الله } بعذاب الأمم المكذبة { قضي بالحق وخسر هنالك المبطلون } أي تبين خسران أصحاب الباطل

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلٗا مِّن قَبۡلِكَ مِنۡهُم مَّن قَصَصۡنَا عَلَيۡكَ وَمِنۡهُم مَّن لَّمۡ نَقۡصُصۡ عَلَيۡكَۗ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأۡتِيَ بِـَٔايَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ فَإِذَا جَآءَ أَمۡرُ ٱللَّهِ قُضِيَ بِٱلۡحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلۡمُبۡطِلُونَ} (78)

قوله تعالى : " ولقد أرسلنا رسلا من قبلك " عزاه أيضا بما لقيت الرسل من قبل . " منهم من قصصنا عليك " أي أنبأناك بأخبارهم وما لقوا من قومهم . " ومنهم من لم نقصص عليك وما كان لرسول أن يأتي بآية " أي من قبل نفسه " إلا بإذن الله فإذا جاء أمر الله " أي إذا جاء الوقت المسمى لعذابهم أهلكهم الله ، وإنما التأخير لإسلام من علم الله إسلامه منهم ، ولمن في أصلابهم من المؤمنين . وقيل : أشار بهذا إلى القتل ببدر . " قضي بينهم بالحق وخسر هنالك المبطلون " أي الذين يتبعون الباطل والشرك .

 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلٗا مِّن قَبۡلِكَ مِنۡهُم مَّن قَصَصۡنَا عَلَيۡكَ وَمِنۡهُم مَّن لَّمۡ نَقۡصُصۡ عَلَيۡكَۗ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأۡتِيَ بِـَٔايَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ فَإِذَا جَآءَ أَمۡرُ ٱللَّهِ قُضِيَ بِٱلۡحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلۡمُبۡطِلُونَ} (78)

{ ولقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله فإذا جاء أمر الله قضي بالحق وخسر هنالك المبطلون }

{ ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك } روي أنه تعالى بعث ثمانية آلاف نبي : أربعة آلاف نبي من بني إسرائيل ، وأربعة آلاف من سائر الناس { وما كان لرسولِ } منهم { أن يأتي بآية إلا بإذن الله } لأنهم عبيد مربوبون { فإذا جاء أمر الله } بنزول العذاب على الكفار { قضي } بين الرسل ومكذبيها { بالحق وخسر هنالك المبطلون } أي ظهر القضاء والخسران للناس وهم خاسرون في كل وقت قبل ذلك .