فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلٗا مِّن قَبۡلِكَ مِنۡهُم مَّن قَصَصۡنَا عَلَيۡكَ وَمِنۡهُم مَّن لَّمۡ نَقۡصُصۡ عَلَيۡكَۗ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأۡتِيَ بِـَٔايَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ فَإِذَا جَآءَ أَمۡرُ ٱللَّهِ قُضِيَ بِٱلۡحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلۡمُبۡطِلُونَ} (78)

{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا } وأنبياء { مِنْ قَبْلِكَ } إلى أممهم { مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ } أي أنبأناك بأخبارهم في القرآن ، وما لقوه من قومهم ، وهم خمسة وعشرون { وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ } فيه خبره ولا أوصلنا إليك علم ما كان بينه وبين قومه ، وعن علي بن أبي طالب في الآية قال : بعث الله عبدا حبشيا هو ممن لم يقصص على محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، عن أبي الذر قال : قلت : ( يا رسول الله كم عدة الأنبياء ؟ قال : مائة ألف وعشرون ألفا . الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جما غفيرا ، ) أخرجه أحمد ، وعبر عنه في الكشاف بقيل .

{ وَمَا كَانَ } أي ما صح وما استقام { لِرَسُولٍ } منهم { أَنْ يَأْتِيَ بِآَيَةٍ } أي معجزة دالة على نبوته { إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ } لا من قبل نفسه ، فإن المعجزات عطايا قسمها الله تعالى بينهم ، على ما اقتضته حكمته ، كسائر القسم ، ليس لهم اختيار في إيثار بعضها ، والاستبداد بإتيان المقترح بها لأنهم عبيد مربوبون { فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ } أي الوقت المعين لعذابهم في الدنيا وفي الآخرة { قُضِيَ بِالْحَقِّ } فيما بين الرسل ومكذبيها ، فينجي الله بقضائه الحق عباده المحقين .

{ وَخَسِرَ هُنَالِكَ } أي في ذلك الوقت { الْمُبْطِلُونَ } الذين يتبعون الباطل ويعملون به ، وهم خاسرون في كل وقت قبل ذلك ، وختمه بقوله { الْمُبْطِلُونَ } ، وختم السورة بقوله { الكافرون } ، لأن الأول متصل بقوله : قضى بالحق ، ونقيض الحق هو الباطل ، والثاني متصل بإيمان غير نافع ونقيض الإيمان الكفر أفاده الكرخي ،