في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا مِّنۡهُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ} (13)

ومن تخصيص البحر بالذكر إلى التعميم والشمول . فلقد سخر الله لهذا الإنسان ما في السماوات وما في الأرض ، من قوى وطاقات ونعم وخيرات - مما يصلح له ويدخل في دائرة خلافته - :

( وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعاً منه ) . .

فكل شيء في هذا الوجود منه وإليه ؛ وهو منشئه ومدبره ؛ وهو مسخره أو مسلطه . وهذا المخلوق الصغير . . الإنسان . . مزود من الله بالاستعداد لمعرفة طرف من النواميس الكونية . يسخر به قوى في هذا الكون وطاقات تفوق قوته وطاقته بما لا يقاس ! وكل ذلك من فضل الله عليه . وفي كل ذلك آيات لمن يفكر ويتدبر ؛ ويتبع بقلبه وعقله لمسات اليد الصانعة المدبرة المصرفة لهذه القوى والطاقات :

( إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) . .

والفكر لا يكون صحيحاً وعميقاً وشاملاً ، إلا حين يتجاوز القوى والطاقات التي يكشف سرها ، إلى مصدر هذه القوى والطاقات ؛ وإلى النواميس التي تحكمها ؛ وإلى الصلة بين هذه النواميس وفطرة الإنسان . هذه الصلة التي تيسر للإنسان الاتصال بها وإدراكها . ولولاها ما اتصل ولا أدرك . ولا عرف ولا تمكن ، ولا سخر ولا انتفع بشيء من هذه القوى والطاقات . .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا مِّنۡهُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ} (13)

وقوله { جميعا منه } أي كل ذلك تفضل منه وإحسان

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا مِّنۡهُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ} (13)

" وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه " يعني أن ذلك فعله وخلقه وإحسان منه وإنعام . وقرأ ابن عباس والجحدري وغيرهما " جميعا منه " بكسر الميم وتشديد النون وتنوين الهاء ، منصوبا على المصدر . قال أبو عمرو : وكذلك سمعت مسلمة يقرؤها " منه " أي تفضلا وكرما . وعن مسلمة بن محارب أيضا " جميعا منه " على إضافة المن إلى هاء الكناية . وهو عند أبي حاتم خبر ابتداء محذوف ، أي ذلك ، أو هو منه . وقراءة الجماعة ظاهرة . " إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون " .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا مِّنۡهُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ} (13)

{ وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض } يعني : الشمس والقمر والملائكة وبني آدم والحيوانات والنبات وغير ذلك .

{ جميعا منه } أي : كل نعمة فمن الله تعالى ، والمجرور في موضع الحال أو خبر ابتداء مضمر ، وقرأ ابن عباس فنة .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا مِّنۡهُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ} (13)

ولما ذكر آية البحر لعظمتها ، عم بمنافع الخافقين دلالة على أنه ما خلق ذلك كله ، على عظمه إلا لنا ، تنبيهاً على أن الأمر عظيم فقال تعالى : { وسخر لكم } أي خاصة ولو شاء لمنعه { ما في السماوات } بإنزاله إليكم منبهاً على أنها بحيث لا يمكنكم الوصول إليه بوجه ، وأكد بإعادة الموصول ؛ لأن{[57996]} السياق للدلالة على عزته وحكمته الدالتين على توحده باستحقاق العبادة الذي هم له{[57997]} منكرون كما دلتا{[57998]} على توحده بالإيجاد والسيادة وهم معترفون بذلك بألسنتهم ، وأفعالهم{[57999]} أفعال من ينكره ، فقال : { وما في الأرض } وأوصلكم إليه ولو شاء لجعلكم كما في السماء لا وصول لكم إليه ، وأكد ما دل على ما مضى من العموم بقوله : { جميعاً } حال كون ذلك كله من أعيان تلك الأشياء ومن تسخيرها{[58000]} { منه } لا صنع لأحد غيره في شيء منه في ذلك ، قال الرازي في اللوامع : قال أبو يعقوب النهر جوري{[58001]} : سخر لك الكل لئلا يسخرك منها شيء ، وتكون مسخراً لمن سخر لك الكل وهو الله تعالى ، فإنه يقبح بالمخدوم أن يخدم خادمه ، وقال القشيري : ما من شيء من الأعيان الظاهرة إلا ومن-{[58002]} وجه للانسان به انتفاع ، فمن أن يستسخرك ما هو مسخر لك .

ولما صح أنه لا شريك له في شيء من الخلق لا من الذوات ولا من المعاني ، حسن جداً قوله ، مؤكداً لأن{[58003]} عملهم يخالفه : { إن في ذلك } أي الأمر العظيم وهو تسخيره {[58004]}لنا كل شيء في{[58005]} الكون { لآيات } أي دلالات{[58006]} واضحات على أنهم في الالتفات إلى غيره في ضلال مبين بعد تسخيره لنا ما لنا من الأعضاء والقوى على هذا الوجه البديع مع أن من هذا المسخر لنا ما هو أقوى منا { لقوم } أي ناس فيهم أهلية للقيام بما يجعل إليهم { يتفكرون * } أنه المتوحد باستحقاق{[58007]} الإلهية فلا{[58008]} يشركون به شيئاً .


[57996]:من مد، وفي الأصل: أن.
[57997]:من ظ ومد: وفي الأصل: لها.
[57998]:من ظ ومد، وفي الأصل: دالا.
[57999]:من مد، وفي الأصل و ظ: أفعال.
[58000]:من مد، وفي الأصل و ظ: تسخير.
[58001]:من مد وفي الأصل و ظ: المهر جورى.
[58002]:زيد من ظ ومد.
[58003]:زيد في الأصل: علمهم و، ولم تكن الزيادة في ظ ومد فحذفناها.
[58004]:من ظ ومد، وفي الأصل: لكل شيء من.
[58005]:من ظ ومد، وفي الأصل: لكل شيء من.
[58006]:من مد، وفي الأصل و ظ: ذلك الآيات.
[58007]:من ظ ومد، وفي الأصل: بالاستحقاقات.
[58008]:من ظ ومد، وفي الأصل:فلما.