السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا مِّنۡهُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ} (13)

{ وسخر لكم ما في السماوات } من شمس وقمر ونجم بها وغير ذلك بحيث لا يمكنكم الوصول إليه بوجه { وما في الأرض } من دابة وشجر ونبات وأنهار وغيره ، ولو شاء لجعله كما في السماء لا وصول لكم إليه . وقوله تعالى { جميعاً } توكيد لما دل عليه معنى ما من العموم وقيل : حال من { ما في السماوات وما في الأرض } وقوله تعالى { منه } حال أي : سخرها كائنة منه تعالى لا صنع لأحد غيره في شيء من ذلك ، قال ابن عباس : كل ذلك رحمة منه ، وقال الزجاج : كل ذلك تفضل منه وإحسان ، وقال بعض العارفين : سخر لك الكل لئلا يسخرك لشيء منها فتكون مسخراً لمن سخر لك الكل وهو الله تعالى فإنه يقبح بالمخدوم أن يخدم خادمه { إن في ذلك } أي : الأمر العظيم من تسخيره لنا كل شيء في الكون { لآيات } أي : دلالات واضحات على أنهم في الالتفات إلى غيره في ضلال مبين بعد تسخيره لنا ما لنا من الأعضاء والقوى على هذا الوجه البديع مع أن من هذا المسخر لنا ما هو أقوى منا { لقوم } أي : ناس فيهم أهلية القيام بما يجعل إليهم { يتفكرون } فيعلمون أنه المتوحد باستحقاق الإلهية فلا يشركون به شيئاً .