فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا مِّنۡهُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ} (13)

{ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ } أي سخر لعباده جميع ما خلقه في سماواته وأرضه ، مما يتعلق به مصالحهم ويقوم به معايشهم ، ومما سخره لهم من مخلوقات السماوات الشمس والقمر والنجوم النيرات والمطر والسحاب والرياح ، وجميعا حال من ما في السماوات أو تأكيد له ، وقوله { منه } متعلق بمحذوف هو صفة لجميعا أي كائنا منه ، أو متعلق بسخر ، أو حال من ما في السماوات ، أو خبر لمبتدأ محذوف والمعنى أن كل ذلك رحمة منه لعباده ، وقال ابن عباس { جميعا منه } أي منه النور والشمس والقمر كل شيء هو من الله ، وعن طاوس قال : ( جاء رجل إلى عبد الله بن عمرو بن العاص فسأله مم خلق الخلق ؟ قال من الماء والنور والظلمة والهواء والتراب ، قال فمن خلق هؤلاء ؟ قال لا أدري ، ثم أتى الرجل عبد الله بن الزبير فسأله فقال : مثل قول عبد الله بن عمرو فأتى ابن عباس فسأله مم خلق الخلق ؟ فقال من الماء والنور والظلمة والريح والتراب ، قال فمم خلق هؤلاء ؟ فقرأ ابن عباس وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه ، فقال الرجل ما كان ليأتي بهذا إلا رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ) .

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ } المذكور من التسخير { لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } خص المتفكرين ؛لأنه لا ينتفع بها إلا من تفكر فيها ، فإنه ينتقل من التفكير إلى الاستدلال بها على التوحيد .