الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا مِّنۡهُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ} (13)

وقرأ مَسْلَمَةُ بْنُ مُحَارِبٍ : ( لتجري ) بضم التاء ، وقرأ أيضاً : ( جَمِيعاً مَنُّهُ ) بفتح الميم وشد النون والهاء وقرأ ابن عباس : ( مِنَّةً ) بالنصب على المصدر .

وقوله تعالى : { إِنَّ في ذلك لآيات لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } قال الغَزَّاليُّ في «الإحياء » : " الْفِكْرُ والذِّكْرُ أعلى مقامَاتِ الصالحين " ، وقال رحمه اللَّه : " اعلم أَنَّ الناظرين بِأنوار البصيرة عَلِمُوا أنْ لا نجاةَ إلاَّ في لقاء اللَّه عزَّ وجلَّ ، وأَنَّه لا سبيل إلى اللقاء إلاَّ بأَنْ يَمُوتَ العبد مُحِبًّا للَّه تعالى ، وعارِفاً به ، وأَنَّ المحبَّةَ والأُنْسَ لا يتحصَّلانِ إلاَّ بدوامِ ذِكْرِ المحبوب ، وأَنَّ المعرفة لا تحصل إلاَّ بدوام الفِكْرِ ، ولن يتيسَّر دوامُ الذِّكْرِ والفِكْر إلاَّ بوداع الدنيا وشهواتها والاجتزاء منها بقَدْرِ البُلْغَةِ والضَّرُورَةِ ، ثم قال : والقرآنُ جامعٌ لفَضْلِ الذِّكْرِ والفِكْرِ والدُّعَاءِ مَهْمَا كان بِتَدَبُّرٍ " انتهى .