تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا كَآفَّةٗ لِّلنَّاسِ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗا وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (28)

{ 28 - 30 } { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ }

يخبر تعالى أنه ما أرسل رسوله صلى اللّه عليه وسلم ، إلا ليبشر جميع الناس بثواب اللّه ، ويخبرهم بالأعمال الموجبة لذلك ، وينذرهم عقاب اللّه ، ويخبرهم بالأعمال الموجبة له ، فليس لك من الأمر شيء ، وكل ما اقترح عليك أهل التكذيب والعناد ، فليس من وظيفتك ، إنما ذلك بيد اللّه تعالى ، { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } أي : ليس لهم علم صحيح ، بل إما جهال ، أو معاندون لم يعملوا بعلمهم ، فكأنهم لا علم لهم . ومن عدم علمهم ، جعلهم عدم الإجابة لما اقترحوه على الرسول ، مجبا لرد دعوته .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا كَآفَّةٗ لِّلنَّاسِ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗا وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (28)

قوله تعالى : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ( 28 ) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ( 29 ) قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ } { كافّة } ، منصوب على الحال من كاف { أرسلناك } . والمعنى : إلا جامعا للناس في الإبلاغ . والكافة بمعنى الجامع ، والهاء للمبالغة . وقيل : { كافّة } صفة لمصدر محذوف تقديره : إلا إرسالة كافة . وقيل : كافة ، حال من الناس ؛ أي للناس كافة{[3811]} يخاطب الله جل وعلا رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم مبلغا إياه أنه أرسله لهداية الناس كافة ؛ بل إنه مبعوث للعالمين من الثقلين جميعا وهما الإنس والجن { بَشِيرًا وَنَذِيرًا } أي بشير الطائعين المستجيبين لدعوة الحق بالتوفيق والسعادة في الدنيا ، وبالنجاة والفوز يوم القيامة . وهو كذلك نذير للعصاة الذي يخالفون أمر الله ولا يستجيبون لنداء الحق واليقين .

لقد أرسل الله رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ورسالة الحق للعالمين . وتلكم هي رسالة الإسلام العظيم الذي تتجلى فيه كل معاني الخير والحق والعدل والرحمة . وهو دين وسط مناف للإفراط والتفريط ، وموافق للفطرة البشرية السليمة .

وهذه خصائص كبريات تحقق الصلوح الكامل لهذا الدين على مدى الأزمان كلها .

قوله : { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ } أكثر الناس سادرون في الغي والباطل ساربون في الجهالة والاعوجاج ، جانحون للشهوات والأهواء . لقد أضلهم شيطان الجن بوسوسته التي تسري في ذهنه وخياله وأعصابه ، فتُسوّل له الكفر والعصيان ، وتكرِّهُ إليه الإيمان والاستقامة والفضيلة وكذلك شياطين الإنس قد أسهموا أعظم إسهام في إغواء البشرية واجتيال الناس عن عقيدة التوحيد وإضلالهم عن منهج الله وسَوْقهم سَوْقا إلى الفساد والإباحية والشر بكل صوره وأصنافه . من أجل ذلك فإن أكثر الناس موغلون في الضلال والباطل .


[3811]:الدر المصون ج 9 ص 185-186.