تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَوۡمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَتَأۡتُونَ أَفۡوَاجٗا} (18)

{ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا } ويجري فيه من الزعازع والقلاقل ما يشيب له الوليد ، وتنزعج له القلوب ،

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَوۡمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَتَأۡتُونَ أَفۡوَاجٗا} (18)

وقوله : { يوم ينفخ } بدل من اليوم الأول ، و { الصور } : القرن الذي ينفخ فيه لبعث الناس . هذا قول الجمهور ، ويحتمل هذا الموضع أن يكون { الصور } فيه جمع صورة أي يوم يرد الله فيه الأرواح إلى الأبدان ، هذا قول بعضهم في { الصور } وجوزه أبو حاتم ، والأول أشهر وبه تظاهرت الاثار ، وهو ظاهر كتاب الله تعالى في قوله { ثم نفخ فيه أخرى }{[11569]} [ الزمر : 68 ] وقرأ أبو عياض «في الصوَر » بفتح الواو ، و «الأفواج » الجماعات يتلو بعضها بعضاً ، واحدها فوج .


[11569]:من الآية 68 من سورة الزمر.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يَوۡمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَتَأۡتُونَ أَفۡوَاجٗا} (18)

و { يوم ينفخ في الصور } بدل من { يوم الفصل } .

وأضيف { يوم } إلى جملة { ينفخ في الصور } فانتصب { يوم } على الظرفية وفتحته فتحة إعراب لأنه أضيف إلى جملة أولها مُعرب وهو المضارع .

وفائدة هذا البدل حصول التفصيل لبعض أحوال الفصل وبعض أهوال يوم الفصل .

والصُّور : البوق ، وهو قرنُ ثَور فارغ الوسط مضيق بعض فراغه ويتخذ من الخشب أو من النحاس ، يَنفخ فيه النافخ فيخرج منه الصوت قوياً لنداء الناس إلى الاجتماع ، وأكثر ما ينادى به الجيش والجموع المنتشرة لتجتمع إلى عمل يريده الآمر بالنفخ .

وبُني { ينفخ } إلى النائب لعدم تعلق الغرض بمعرفة النافخ وإنما الغرض معرفة هذا الحادث العظيم وصورة حصوله .

والنفخ في الصور يجوز أن يكون تمثيلاً لهيئة دعاء الناس وبعثهم إلى الحشر بهيئة جمع الجيش المتفرق لراحة أو تتبع عدوَ فلا يلبثون أن يتجمّعوا عند مقر أميرهم .

ويجوز أن يكون نفخٌ يحصل به الإِحياء لا تُعلم صفته فإن أحوال الآخرة ليست على أحوال الدنيا ، فيكون النفخ هذا معبَّراً به عن أمر التكوين الخاص وهو تكوين الأجساد بعد بلاها وبَثّ أرواحها في بقاياها . وقد ورد في الآثار أن المَلك الموكّل بهذا النفخ هو إسرافيل ، وقد تقدم ذكر ذلك غير مرة .

وعطف { تأتون } بالفاء لإفادة تعقيب النفخ بمجيئهم إلى الحساب .

والإِتيان : الحضور بالمكان الذي يمْشي إليه الماشي فالإِتيان هو الحصول .

وحذف ما يحصل بين النفخ في الصور وبين حضورهم لزيادة الإِيذان بسرعة حصور الإِتيان حتّى كأنه يحصل عند النفخ في الصور وإن كان المعنى : ينفخ في الصور فتحيَوْن فتسيرون فتأتون .

و { أفواجاً } حال من ضمير { تأتون } ، والأفواج : جمع فوج بفتح الفاء وسكون الواو ، والفوج : الجماعة المتصاحبة من أناس مقسَّمين باختلاف الأغراض ، فتكون الأمم أفواجاً ، ويكون الصالحون وغيرهم أفواجاً قال تعالى : { كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها } [ الملك : 8 ] الآية .

والمعنى : فتأتون مقسَّمين طوائف وجماعات ، وهذا التقسيم بحسب الأحوال كالمؤمنين والكافرين وكل أولئك أقسام ومراتب .