تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱللَّهُ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ ٱلرِّيَٰحَ فَتُثِيرُ سَحَابٗا فَسُقۡنَٰهُ إِلَىٰ بَلَدٖ مَّيِّتٖ فَأَحۡيَيۡنَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۚ كَذَٰلِكَ ٱلنُّشُورُ} (9)

{ 9 } { وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ }

يخبر تعالى عن كمال اقتداره ، وسعة جوده ، وأنه { أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ } فأنزله اللّه عليها { فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا }

فحييت البلاد والعباد ، وارتزقت الحيوانات ، ورتعت في تلك الخيرات ، { كَذَلِكَ } الذي أحيا الأرض بعد موتها ، ينشر الله الأموات من قبورهم ، بعدما مزقهم البلى ، فيسوق إليهم مطرا ، كما ساقه إلى الأرض الميتة ، فينزله عليهم فتحيا الأجساد والأرواح من القبور ، ويأتون للقيام بين يدي الله ليحكم بينهم ، ويفصل بحكمه العدل .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱللَّهُ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ ٱلرِّيَٰحَ فَتُثِيرُ سَحَابٗا فَسُقۡنَٰهُ إِلَىٰ بَلَدٖ مَّيِّتٖ فَأَحۡيَيۡنَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۚ كَذَٰلِكَ ٱلنُّشُورُ} (9)

هذه آية احتجاج على الكفرة في إنكار البعث من القبور ، فدلهم تعالى على المثال الذي يعاينونه وهو سواء مع إحياء الموتى ، و «البلد الميت » هو الذي لا نبت فيه قد اغبر من القحط فإذا أصابه الماء من السحاب اخضر وأنبت فتلك حياته ، و { النشور } مصدر نشر الميت إذا حيي ، ومنه قول الأعشى :

يا عجبا للميت الناشر{[9694]} . . .


[9694]:هذا عجز بيت قاله الأعشى من قصيدة له يهجو بها علقمة بن علاثة ويمدح عامر ابن الطفيل في المنافرة التي جرت بينهما، وهو بتمامه مع بيت قبله: لو أسندت ميتا إلى نحرها عاش ولم يُنقل إلى قابر حتى يقول الناس مما رأوا يا عجبا للميت الناشر واستعماله(مَيْت وميِّت) يدل على انهما بمعنى واحد، وقد جمع بينهما عدي بن الرعلاء حين قال: ليس من مات فاستراح بميْت إنما الميت ميِّت الأحياء إنما الميت من يعيش كئيبا كاسفا باله قليل الرجاء وإلى هذا يميل أكثر اللغويين، وإن كان الجوهري قد حكى عن الفراء قوله:"يقال لمن لم يمت: إنه مائت عن قليل، وميِّت، ولا يقولون لمن مات: هذا مائت".قال صاحب اللسان:وهذا خطأ، وإنما(ميت) يصلح لما قد مات ولما سيموت، قال تعالى:{إنك ميت وإنهم ميتون}، والآية هنا أكبر دليل على أن(الميت) بالتشديد تكون للميت بالفعل، وغيرها يدل على أن الميت بالتخفيف هو الميت أيضا بالفعل، وأن كلا من المخففة والمثقلة بمعنى واحد.