ثم أخبر سبحانه عن نوع من أنواع بديع صنعه وعظيم قدرته ليتفكروا في ذلك وليعتبروا به فقال : { وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ ( 9 )
{ وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ } قرأ الجمهور بالجمع وقرئ : الريح بالأفراد وهي سبعية عن ابن مسعود قال : يقوم ملك بالصور بين السماء والأرض فينفخ فيه فلا يبقى خلق الله في السموات والأرض إلا من شاء الله إلا مات ثم يرسل الله من تحت العرش منيا كمني الرجال فتنبت أجسامهم ولحومهم من ذلك الماء كما تنبت الأرض من الثرى ، ثم قرأ هذه الآية :
{ فَتُثِيرُ سَحَابًا{[1384]} } جاء بالمضارع بعد الماضي استحضارا لتلك الصورة البديعة الدالة على كمال القدرة والحكمة لأن ذلك أدخل في اعتبار المعتبرين . والمعنى : أنها تزعجه وتحركه من حيث هو .
{ فَسُقْنَاهُ } فيه التفات عن الغيبة ، وقال أبو عبيدة : سبيله فتسوقه لأنه قال : فتثير سحابا . قيل : النكتة في التعبير بالماضيين بعد المضارع الدلالة على التحقق { إِلَى بَلَدٍ } هو يذكر ويؤنث والبلدة البلد { مَّيِّتٍ } أي أرض ليس بها نبات ولا مرعى . قال المبرد : ميت وميت واحد ، وقال : هذا قول والبصريين .
{ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الأَرْضَ } أي أحيينا بالمطر النازل منه الأرض بإنبات النبات فيها ، وإن لم يتقدم ذكر المطر فالسحاب يدل عليه ، أو أحيينا بالسحاب لأنه سبب المطر { بَعْدَ مَوْتِهَا } أي بعد يبسها استعار الإحياء للنبات والموت لليبس .
{ كَذَلِكَ النُّشُورُ } أي كذلك يحيي الله العباد بعد موتهم كما أحيا الأرض بعد موتها والنشور والبعث من نشر الإنسان نشورا أي مثل إحياء موات الأرض في صحة المقدور به وسهولة التأتي إحياء الأموات إذ ليس بينهما إلا احتمال اختلاف المادة في المقيس عليه ، وذلك لا مدخل له فيها فكيف تنكرونه ؟ وقد شاهدتم غير هرة ما هو مثله وشبيهه به .
عن أبي رزين العقيلي قال : قلت : ( يا رسول الله كيف يحيي الله الموتى ؟ . قال أما مررت بأرض مجدبة ثم مررت بها مخصبة تهتز خضراء ؟ قلت : بلى ، قال : كذلك يحيي الله الموتى ، وكذلك النشور ) . أخرجه أحمد والبيهقي والطيالسي وغيرهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.