وحكمة الله التي يمتحن بها عباده ، ليبلوهم ويتبين صادقهم من كاذبهم ، ولهذا قال تعالى : { هذا بيان للناس } أي : دلالة ظاهرة ، تبين للناس الحق من الباطل ، وأهل السعادة من أهل الشقاوة ، وهو الإشارة إلى ما أوقع الله بالمكذبين .
{ وهدى وموعظة للمتقين } لأنهم هم المنتفعون بالآيات فتهديهم إلى سبيل الرشاد ، وتعظهم وتزجرهم عن طريق الغي ، وأما باقي الناس فهي بيان لهم ، تقوم [ به ] عليهم الحجة من الله ، ليهلك من هلك عن بينة .
ويحتمل أن الإشارة في قوله : { هذا بيان للناس } للقرآن العظيم ، والذكر الحكيم ، وأنه بيان للناس عموما ، وهدى وموعظة للمتقين خصوصا ، وكلا المعنيين حق .
ثم قال : { هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ } يعني : القرآن فيه بيان للأمور على جليتها ، وكيف كان الأممُ الأقدمون مع أعدائهم { وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ } يعني : القرآن فيه خَبَرُ ما قبلكم و { هُدًى } لقلوبكم و { مَوْعِظَةٌ } أي : زاجر [ عن المحارم والمآثم ]{[5773]} .
وقوله تعالى : { هذا بيان للناس } قال الحسن : الإشارة إلى القرآن ، وقال قتادة في تفسير الآية : هو هذا القرآن جعله الله بياناً للناس عامة وهدى وموعظة للمتقين خاصة ، وقال بمثله ابن جريج والربيع .
قال القاضي : كونه بياناً للناس ظاهر ، وهو في ذاته أيضاً هدى منصوب وموعظة ، لكن من عمي بالكفر وضل وقسا قلبه لا يحسن أن يضاف إليه القرآن ، وتحسن إضافته إلى «المتقين » الذين فيهم نفع وإياهم هدى ، وقال ابن إسحاق والطبري وجماعة : الإشارة ب { هذا } إلى قوله تعالى : { قد خلت من قبلكم سنن } الآية ، قال ابن إسحاق : المعنى هذا تفسير للناس إن قبلوه ، قال الشعبي : المعنى ، هذا بيان للناس من العمى .
تذييل يعمّ المخاطبين الحاضرين ومن يجيء بعدهم من الأجيال ، والإشارة إمَّا إلى ما تقدّم بتأويل المذكور ، وإمَّا إلى حاضر في الذهن عند تلاوة الآية وهو القُرآن .
والبيانُ : الإيضاح وكشف الحقائق الواقعة . والهدى : الإرشاد إلى ما فيه خير النَّاس في الحال والاستقبال . والموعظة : التحذير والتخويف . فإن جعلت الإشارة إلى مضمون قوله : { قد خلت من قبلكم سنن } [ آل عمران : 137 ] الآية فإنَّها بيان لما غفلوا عنه من عدم التَّلازم بين النَّصر وحسن العاقبة ، ولا بين الهزيمة وسوء العاقبة ، وهي هدى لهم لينتزعوا المسببات من أسبابها ، فإن سبب النجاح حقاً هو الصلاح والاستقامة ، وهي موعظة لهم ليحذروا الفساد ولا يغترّوا كما اغترّت عاد إذ قالوا : « مَنْ أشَدّ مِنَّا قوّة » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.