تفسير سورة قل يا أيها الكافرون
وهي مكية{[1]} .
ثبت في صحيح مسلم ، عن جابر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بهذه السورة ، وب " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " في ركعتي الطواف{[2]} .
وفي صحيح مسلم ، من حديث أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بهما في ركعتي الفجر .
وقال الإمام أحمد : حدثنا وَكِيع ، حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن مجاهد ، عن ابن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في الركعتين قبل الفجر والركعتين بعد المغرب ، بضعا وعشرين مرة - أو : بضع عشرة مرة - " قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ " و " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " . {[3]}
وقال أحمد أيضا : حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير ، حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن مجاهد ، عن ابن عمر قال : رمقت النبي صلى الله عليه وسلم أربعا وعشرين - أو : خمسا وعشرين - مرة ، يقرأ في الركعتين قبل الفجر ، والركعتين بعد المغرب ب " قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ " و " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " . {[4]}
وقال أحمد : حدثنا أبو أحمد - هو محمد بن عبد الله بن الزبير الزبيري - حدثنا سفيان - هو الثوري - عن أبي إسحاق ، عن مجاهد ، عن ابن عمر قال : رَمقتُ النبي صلى الله عليه وسلم شهرًا ، وكان يقرأ في الركعتين قبل الفجر ب " قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ " و " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " .
وكذا رواه الترمذي وابن ماجة ، من حديث أبي أحمد الزبيري{[5]} وأخرجه النسائي من وجه آخر ، عن أبي إسحاق ، به{[6]} وقال الترمذي : هذا حديث حسن .
وقد تقدم في الحديث أنها تعدل ربع القرآن ، و " إِذَا زُلْزِلَتِ " تعدل ربع القرآن .
وقال الإمام أحمد : حدثنا هاشم{[7]} بن القاسم ، حدثنا زهير ، حدثنا أبو إسحاق ، عن فروةَ ابن نَوفل - هو ابن معاوية - عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : " هل لك في ربيبة لنا تكفلها ؟ " قال : أراها زينب . قال : ثم جاء فسأله النبي صلى الله عليه وسلم عنها ، قال : " ما فعلت الجارية ؟ " قال : تركتها عند أمها . قال : " فمجيء ما جاء بك ؟ " قال : جئت لتعلمني شيئًا أقوله عند منامي . قال : " اقرأ : " قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ " ثم نم على خاتمتها ، فإنها براءة من الشرك " . تفرد به أحمد . {[8]}
وقال أبو القاسم الطبراني : حدثنا أحمد بن عَمرو القطراني ، حدثنا محمد بن الطفيل ، حدثنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن جبلة بن حارثة - وهو أخو زيد بن حارثة - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أويت إلى فراشك فاقرأ : " قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ " حتى تمر بآخرها ، فإنها براءة من الشرك " {[9]} [ والله أعلم وهو حسبي ونعم الوكيل ] . {[10]}
وقال الإمام أحمد : حدثنا حجاج ، حدثنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن فروة بن نوفل ، عن الحارث بن جبلة قال : قلت : يا رسول الله ، علمني شيئا أقوله عند منامي . قال : " إذا أخذت مضجعَك من الليل فاقرأ : " قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ " فإنها براءة من الشرك " . {[11]}
وروى الطبراني من طريق شريك ، عن جابر{[12]} عن معقل الزبيدي ، عن [ عباد أبي الأخضر عن خباب ]{[13]} أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أخذ مضجعه قرأ : " قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ " حتى يختمها{[14]} .
هذه السورة سورة البراءة من العمل الذي يعمله المشركون ، وهي آمرة بالإخلاص فيه ، فقوله : { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ } شمل كل كافر على وجه الأرض ، ولكن المواجهين{[1]} بهذا الخطاب هم كفارُ قريش .
وقيل : إنهم من جهلهم دَعَوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبادة أوثانهم سنة ، ويعبدون معبوده سنة ، فأنزل الله هذه السورة ، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم فيها أن يتبرأ من دينهم بالكلية ، فقال : { لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ }
وهي مكية إجماعا{[1]} .
قرأ أبي بن كعب وابن مسعود : «قل للذين كفروا » ، وروي في سبب نزول هذه السورة عن ابن عباس وغيره أن جماعة من عتاة قريش ورجالاتها قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : دع ما أنت فيه ونحن ُنَمِّوُلك ونزوجك من شئت من كرائمنا ونملكك علينا ، وإن لم تفعل هذا فلتعبد آلهتنا ولنعبد إلهك حتى نشترك ، فحيث كان الخير نلناه جميعاً ، هذا معنى قولهم ولفظهم ، لكن للرواة زيادة ونقص ، وروي أن هذه الجماعة المذكورة الوليد بن المغيرة والعاصي بن وائل والأسود بن المطلب وأمية بن خلف وأبو جهل وابنا الحجاج ونظراؤهم ممن لم يسلم بعد ، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم معهم في هذه المعاني مقامات ، نزلت السورة في إحداها بسبب قولهم : هلم نشترك في عبادة إلهك وآلهتنا ، وروي أنهم قالوا : اعبد آلهتنا عاماً ، ونعبد إلهك عاماً ، فأخبرهم عن أمره عز وجل أن لا يعبد ما يعبدون ، وأنهم غير عابدين ما يعبد ، فلما كان قوله : { لا أعبد } محتملاً أن يراد به الآن ، ويبقى المستأنف منتظراً ما يكون فيه من عبادته ، جاء البيان بقوله : { ولا أنا عابد ما عبدتم } ، أي أبداً وما حييت .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.