غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قُلۡ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡكَٰفِرُونَ} (1)

مقدمة السورة:

( سورة الكافرون مكية ، حروفها أربعة وتسعون ، كلمها ست وعشرون ، آياتها ست ) .

1

الوقوف : { الكافرون } ه لا { ما تعبدون } ه لا { أعبد } ه ج للتكرار مع العطف { عبدتم } ه لا { أعبد } ه ط { دين } ه .

التفسير :

هذه السورة تسمى أيضاً سورة المنابذة وسورة الإخلاص والمقشقشة . وروي " من قرأها فكأنما قرأ ربع القرآن " ، فأوّلها العلماء بأن القرآن فيه مأمورات ومنهيات ، وكل منهما إمّا أن يتعلق بالقلب والجوراح ، وإما أن يتعلق بالجوارح ، وهذه السورة تتضمن القسم الثالث ، أعني النهي المتعلق بالقلب ، فكانت ربعاً لما يتعلق بالتكاليف من القرآن ؛ بل ربعاً للقرآن ؛ لأن المقصود الأصلي من المواعظ والقصص وغيرها هو التزام التكاليف كما قال سبحانه { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } [ الذاريات :56 ] ، يروى أن الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل والأسود بن عبد المطلب وأمية بن خلف قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم : تعال حتى نعبد إلهك مدّة وتعبد إلهنا مدّة ، فيحصل الصلح بيننا وبينك ، وتزول العداوة من بيننا ، فإن كان أمرك رشيداً أخذنا منه حظاً ، وإن كان أمرنا رشيداً أخذت منه حظاً ، فنزلت هذه السورة ، ونزل قوله { قل أفغير الله تأمرونّي أعبد أيها الجاهلون } [ الزمر :64 ] فتارة وصفهم بالجهل ، وتارة خاطبهم بالكفر ، فالجهل كالشجرة ، والكفر كالثمرة ، ولكن الكفر أشنع من الجهل ، فقد يكون الجهل غير ضارّ ، كما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال في علم الأنساب : " علم لا ينفع ولا يضر " ، ولهذا خصت السورة بهذا الخطاب ؛ لأنها بأسرها فيهم . وروي عن علي عليه السلام أن " يا " نداء النفس " ، و " أي " نداء القلب ، و " ها " نداء الروح . وبوجه آخر " يا " للغائب ، و " أي " للحاضر ، و " ها " للتنبيه . كأن الله تعالى يقول : أدعوك ثلاثاً ، ولا تجيبني مرة ، ما هذا إلا لجهلك بحقي .

/خ6