الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{قُلۡ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡكَٰفِرُونَ} (1)

مقدمة السورة:

مكية . وهي أربعة وتسعون حرفاً ، وست وعشرون كلمة ، وست آيات .

أخبرني محمد بن القاسم قال : حدّثنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن جعفر قال : أخبرنا أبو عمر الحرشي قال : حدّثنا إسحاق بن إبراهيم قال : حدّثنا يعقوب بن حميد قال : حدّثنا إسماعيل بن داود ، عن سليمان بن بلال ، عن أبي جبير ، عن الحكم بن عبد الله بن سعد ، أن محمد بن سعيد بن جبير بن مطعم حدّثهم أنه سمع جبير بن مطعم يقول : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أتحب ياجبير أن تكون إذا خرجت سفراً من أمثل أصحابك هيئة وأكثرهم زاداً " ؟ قال : قلت : نعم بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، قال : " فاقرأ بهذه السور :( قل يا أيها الكافرون ) و( إذا جاء نصر الله )و( قل هو الله أحد )و( قل أعوذ برب الفلق )و( قل أعوذ برب الناس ) وافتح قراءتك ب( بسم الله الرحمن الرحيم ) " قال : فقال جبير : وكنت غنياً كثير المال ، وكنت أخرج مع من شاء الله أن أخرج معه في السفر ، فأكون أبذّهم هيئة ، وأقلّهم زاداً ، فمازالت منذ علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأتهن أكون من أحسنهم هيئة ، وأكثرهم زاداً ، حتى أرجع من سفري ذلك .

وأخبرنا أبو العباس السليطي قال : أخبرنا ابن الشرقي قال : حدثنا أحمد بن يوسف قال : حدثنا عبد الرزاق ومحمد بن يوسف قالا : حدّثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن فروة بن نوفل الأشجعي يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لرجل : " اقرأ عند منامك( قل يا أيها الكافرون ) فإنها براءة من الشرك " .

وأخبرنا أحمد بن أبي قال : أخبرنا منصور بن محمد قال : حدّثنا محمد بن أيوب قال : حدّثنا القصيني قال : حدّثنا سلمة بن وردان قال : سمعت أنساً يقول : قال صلى الله عليه وسلم : " ( قل يا أيها الكافرون ) ربع القرآن " .

وأخبرنا محمد بن القاسم قال : حدّثنا محمد بن زيد المعدل قال : حدّثنا أبو يحيى البزاز قال : حدّثنا محمد بن منصور قال : حدّثنا محمد بن عمران بن عبدالرحمن بن أبي ليلى قال : حدّثني أبي ، عن مخالد ، عن الحجاج بن عبد الله ، عن أبي الجليل ، عن زر ، عن أبي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قرأ سورة( يا أيها الكافرون ) فكأنما قرأ ربع القرآن ، وتباعدت عنه مردة الشياطين ، وبرئ من الشرك ، ويعافى من الفزع الأكبر " .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مروا صبيانكم فليقرؤها عند المنام ، فلا يعرض لهم شيء " .

وقال ابن عباس : ليس في القرآن سورة أشد لغيظ إبليس من هذه السورة ؛ لأنها توحيد وبراءة من الشرك .

{ قُلْ يأَيُّهَا الْكَافِرُونَ } إلى آخر السورة نزلت في رهط من قريش منهم الحرث بن قيس السهمي والعاص بن وائل والوليد بن المغيرة والأسود بن عبد يغوث الزهري والأسود بن المطلب بن أسد وأميّة بن خلف قالوا : " يا محمد هلم فاتبع ديننا ونتبع دينك ، ونشركك في أمرنا كلّه ، تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة ، فإن كان الذي جئت به خيراً مما بأيدينا كنا قد شركناك فيه وأخذنا بحظنا منه ، وإن كان الذي بأيدينا خيراً مما في يديك كنت قد شركتنا في أمرنا وأخذت بحظك منه ، فقال : " معاذ الله أن أشرك به غيره " .

فقالوا : فاستلم بعض آلهتنا نصدّقك ونعبد إلهك ، فقال : حتى أنظر ما يأتي من عند ربي ، فأنزل الله سبحانه : { قُلْ يأَيُّهَا الْكَافِرُونَ } إلى آخر السورة ، فغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الحرام وفيه الملأ من قريش ، فقام على رؤوسهم ، ثم قرأها عليهم حتى فرغ من السورة ، فيئسوا عنه عند ذلك ، وآذوه وآذوا أصحابه " .