تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{نَّحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذۡ يَقُولُ أَمۡثَلُهُمۡ طَرِيقَةً إِن لَّبِثۡتُمۡ إِلَّا يَوۡمٗا} (104)

{ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً } أي : أعدلهم وأقربهم إلى التقدير { إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا }

والمقصود من هذا ، الندم العظيم ، كيف ضيعوا الأوقات القصيرة ، وقطعوها ساهين لاهين ، معرضين عما ينفعهم ، مقبلين على ما يضرهم ، فها قد حضر الجزاء ، وحق الوعيد ، فلم يبق إلا الندم ، والدعاء بالويل والثبور .

كما قال تعالى : { قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ* قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ* قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ }

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{نَّحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذۡ يَقُولُ أَمۡثَلُهُمۡ طَرِيقَةً إِن لَّبِثۡتُمۡ إِلَّا يَوۡمٗا} (104)

قال الله تعالى : { نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ } أي : في حال تناجيهم بينهم { إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً } أي : العاقل الكامل فيهم ، { إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا يَوْمًا } أي لقصر مدة الدنيا في أنفسهم [ يوم المعاد ؛ لأن الدنيا كُلَّها وإن تكررت أوقاتها وتعاقبت لياليها وأيامها ]{[19495]} وساعاتها كأنها يوم واحد ؛ ولهذا تستقصر مدة{[19496]} الحياة الدنيا يوم القيامة : وكان غرضهم في ذلك [ درء ]{[19497]} قيام الحجة عليهم ، لقصر المدة ؛ ولهذا قال تعالى : { وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ } [ الروم : 55 ، 56 ] ، وقال تعالى : { أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ } [ فاطر : 37 ] ، وقال تعالى : { كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ * قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا قَلِيلا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } [ المؤمنون : 112 - 114 ] أي : إنما كان لُبثكم فيها قليلا لو كنتم تعلمون لآثرتم الباقي على الفاني ، ولكن تصرفتم فأسأتم التصرف ، قَدَّمتُم الحاضر الفاني على الدائم الباقي .


[19495]:زيادة من ف، أ.
[19496]:في ف: "يستقصر الكافرون مدة".
[19497]:زيادة من ف، أ".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{نَّحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذۡ يَقُولُ أَمۡثَلُهُمۡ طَرِيقَةً إِن لَّبِثۡتُمۡ إِلَّا يَوۡمٗا} (104)

القول في تأويل قوله تعالى : { نّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِن لّبِثْتُمْ إِلاّ يَوْماً } .

يقول تعالى ذكره : نحن أعلم منهم عند إسرارهم وتخافتهم بينهم بقيلهم إنْ لَبِثْتُمْ إلاّ عَشْرا بما يقولون لا يخفى علينا مما يتساررونه بينهم شيء إذْ يَقُولُ أمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إنْ لَبِثْتُمْ إلاّ يَوْما يقول تعالى ذكره حين يقول أو فاهم عقلاً ، وأعلمهم فيهم : إن لبثتم في الدنيا إلا يوما . وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن شعبة ، في قوله : " إذْ يَقُولُ أمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً " أوفاهم عقلاً .

وإنما عنى جلّ ثناؤه بالخبر عن قيلهم هذا القول يومئذٍ ، إعلام عباده أن أهل الكفر به ينسون من عظيم ما يعاينون من هول يوم القيامة ، وشدّة جزعهم من عظيم ما يردون عليه ما كانوا فيه في الدنيا من النعيم واللذّات ، ومبلغ ما عاشوا فيها من الأزمان ، حتى يخيل إلى أعقلهم فيهم ، وأذكرهم وأفهمهم أنهم لم يعيشوا فيها إلا يوما .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{نَّحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذۡ يَقُولُ أَمۡثَلُهُمۡ طَرِيقَةً إِن لَّبِثۡتُمۡ إِلَّا يَوۡمٗا} (104)

{ نحن أعلم بما يقولون } وهو مدة لبثهم . { إذ يقول أمثلهم طريقة } أعدلهم رأيا أو عملا . { إن لبثتم إلا يوما } استرجاح لقول من يكون أشد تقالا منهم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{نَّحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذۡ يَقُولُ أَمۡثَلُهُمۡ طَرِيقَةً إِن لَّبِثۡتُمۡ إِلَّا يَوۡمٗا} (104)

جملة { نحنُ أعلَمُ بما يَقُولُونَ } معترضة بين فعل { يتخافتون } وظرفِية { إذْ يَقُولُ أمْثَلُهُم } ، أي إنهم يقولون ذلك سراً ونحن أعلم به وإننا نخبر عن قولهم يومئذ خبر العليم الصادق .