محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{نَّحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذۡ يَقُولُ أَمۡثَلُهُمۡ طَرِيقَةً إِن لَّبِثۡتُمۡ إِلَّا يَوۡمٗا} (104)

{ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً } أي أعدلهم رأيا : { إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا } ونحوه قوله تعالى : { قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين * قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فسئل العادين } انتهى .

قال أبو السعود : ونسبة هذا القول إلى أمثلهم ، استرجاع منه تعالى له ، لكن لا لكونه أقرب إلى الصدق ، بل لكونه أدل على شدة الهول . أي : ولكونه منتهى الأعداد القليلة . وكذلك لبثهم بالنسبة إلى الخلود السرمدي ، وإلى تقضي الغائب الذي كأن لم يكن . ولا ينافي هذا ما جاء في آية : { ويوم تقوم الساعة * يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة } لأن المراد بالساعة الحصة من الزمان القليل ، فتصدق باليوم . كما أن المراد باليوم مطلق الوقت . ولذلك نكر ، تقليلا له وتحقيرا .

قال الشهاب : ليس المراد بحكاية قول من قال : { عشرا } أو { يوما } أو { ساعة } حقيقة اختلافهم في مدة اللبث ، ولا الشك في تعيينه . بل المراد أنه لسرعة زواله ، عبر عن قلته بما ذكر . فتفنن في الحكاية ، وأتى في كل مقام ما يليق به .