تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّمَا جُعِلَ ٱلسَّبۡتُ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِۚ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحۡكُمُ بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ} (124)

{ 124 } { إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }

يقول تعالى : { إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ } ، أي : فرضا { عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ } ، حين ضلوا عن يوم الجمعة وهم اليهود ، فصار اختلافهم سببا ؛ لأن يجب عليهم في السبت احترامه وتعظيمه ، وإلا فالفضيلة الحقيقية ليوم الجمعة الذي هدى الله هذه الأمة إليه .

{ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } ، فيبين لهم المحق من المبطل والمستحق للثواب ممن استحق العقاب{[466]} .


[466]:- في ب: العذاب.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّمَا جُعِلَ ٱلسَّبۡتُ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِۚ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحۡكُمُ بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ} (124)

112

فأما تحريم السبت فهو خاص باليهود الذين اختلفوا فيه ، وليس من ديانة إبراهيم ، وليس كذلك من دين محمد السائر على نهج إبراهيم : ( إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه ) وأمرهم موكول إلى الله ( وإن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ) .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّمَا جُعِلَ ٱلسَّبۡتُ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِۚ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحۡكُمُ بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ} (124)

وقوله : { إنما جعل السبت } ، أي : لم يكن من ملة إبراهيم ، وإنما جعله الله فرضاً عاقب به القوم المختلفين فيه ، قاله ابن زيد ، وذلك أن موسى أمر بني إسرائيل أن يجعلوا من الجمعة يوماً مختصاً بالعبادة وأمرهم أن يكون الجمعة ، فقال جمهورهم : بل يكون يوم السبت ؛ لأن الله فرغ فيه من خلق مخلوقاته ، فقال غيرهم : بل نقبل ما أمر الله به موسى ، فراجعهم الجمهور فتابعهم الآخرون فألزمهم الله يوم السبت إلزاماً قوياً عقوبة لهم منه ، فلم يكن منهم ثبوت بل عصوا فيه وتعدوا فأهلكهم ، وقرأ الأعمش : «إنما أنزلنا السبت » ، وهي قراءة ابن مسعود ، وقرأ أبو حيوة «جَعَل » ، بفتح الجيم والعين .

قال القاضي أبو محمد : وورد في الحديث أن اليهود والنصارى اختلفوا في اليوم الذي يختص من الجمعة ، فأخذ هؤلاء السبت وهؤلاء الأحد فهدانا الله نحن إلى يوم الجمعة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «فهذا يومهم الذي اختلفوا فيه »{[7449]} ، فليس الاختلاف المذكور في الآية هو الاختلاف الذي في الحديث ، وباقي الآية وعيد بين .


[7449]:أخرج الشافعي في الأم، والبخاري، ومسلم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم، ثم هذا يومهم الذي فرض عليهم يوم الجمعة فاختلفوا فيه، فهدانا الله له، فالناس لنا فيه تبع، اليهود غدا، والنصارى بعد غد). (الدر المنثور) فقوله: (هذا يومهم الذي فرض عليهم) يؤيد قول من يقول: إن الله عين يوم الجمعة لليهود فخالفوا ولم يختلفوا، ولكن روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا)، ـ أخرجه أحمد ومسلم عن أبي هريرة وحذيفة ـ و هذا يؤيد قول من يقول: إن الله لم يعينه لهم، بل أمرهم باختيار يوم فاختلفوا، وتأمل بعد ذلك قول المؤلف: "فليس الاختلاف في المذكور في الآية هو الاختلاف الذي في الحديث" ـ والله الموفق للصواب.