إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ( 124 ) }
{ إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ } ، أي : وبال السبت ، وهو المسخ في زمن داود عليه السلام ، أو فرض تعظيم السبت وترك الصيد فيه ، { عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ } ، وهم اليهود لا على غيرهم من الأمم .
وقد اختلف العلماء في كيفية الاختلاف الكائن بينهم في السبت ، فقالت طائفة : أن موسى أمرهم بيوم الجمعة وعينه لهم وأخبرهم بفضيلته على غيره ، فخالفوه وقالوا : أن السبت أفضل ، فقال الله له دعهم وما اختاروا لأنفسهم .
وقيل : عن الله أمرهم بتعظيم يوم في الأسبوع فاختلف اجتهادهم فيه ، فعينت اليهود السبت ؛ لأن الله سبحانه فرغ فيه من الخلق ؛ وعينت النصارى يوم الأحد ؛ لأن الله بدأ فيه الخلق ، فألزم الله كلا منهم ما أدى إليه اجتهاده ، وعين لهذه الأمة الجمعة من غير أن يكلهم إلى اجتهادهم فضلا منه ونعمة .
ووجه اتصال هذه الآية بما قبلها أن اليهود كانوا يزعمون أن السبت من شرائع إبراهيم عليه السلام ، فأخبر الله سبحانه أنه إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه ، ولم يجعله على إبراهيم ولا على غيره ، وإنما شرع ذلك لبني إسرائيل بعد مدة طويلة .
قال الواحدي : هذا مما أشكل على كثير من المفسرين ، حتى قال بعضهم : معنى الاختلاف في السبت أن بعضهم قال : هو أعظم الأيام حرمة ، وقال آخرون : الأحد أفضل ؛ وهذا غلط ؛ لأن اليهود لم يكونوا فرقتين في السبت ، وإنما اختار الأحد النصارى بعدهم بزمان طويل .
وعن مجاهد في الآية قال : أراد الجمعة فأخذوا السبت مكانها ، وعن أبي مالك وسعيد بن جبير في الآية قالا باستحلالهم إياه ، رأى موسى عليه السلام رجلا يحمل حطبا يوم السبت ، فضرب عنقه .
وفي الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( نحن الآخرون السابقون يوم القيامة ، بيد أنهم أتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم ، ثم هذا يومهم الذي فرض عليهم ، يعني : الجمعة ، فاختلفوا فيه فهدانا الله له ، فالناس لنا فيه تبع ، اليهود غدا والنصارى بعد غد ) ( 1 ) {[1068]} وأخرج مسلم وغيره من حديث حذيفة نحوه .
{ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ } ، أي : بين المختلفين فيه ، { يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } ، فيجازي فيه كلا بما يستحقه ثوابا وعقابا ، كما وقع منه سبحانه المسخ لطائفة منهم والتنجية لأخرى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.