غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{إِنَّمَا جُعِلَ ٱلسَّبۡتُ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِۚ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحۡكُمُ بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ} (124)

101

فأجاب الله سبحانه بقوله : { إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه } ، فاختاره بعضهم للفراغ واختار بعضهم الجمعة . روى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أنه قال : أمرهم موسى بالجمعة ، وقال تفرغوا في كل سبعة أيام يوماً واحداً ، فأبوا أن يقبلوا ذلك وقالوا : لا نريد إلا اليوم الذي فرغ الله فيه من الخلق وهو يوم السبت . فجعل عليهم السبت وشدد عليهم . ثم جاءهم عيسى بالجمعة أيضاً فقالت النصارى : لا نريد أن يكون عيدهم بعد عيدنا فاتخذوا الأحد . وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله كتب يوم الجمعة على من كان قبلنا ، فاختلفوا فيه وهدانا الله له ، فالناس لنا تبع ، اليهود غداً ، والنصارى بعد غدٍ " . وقال صاحب الكشاف : السبت مصدر سبت اليهود إذا عظمت سبتها . والمعنى : { إنما جعل } وبال { السبت } ، وهو المسخ { على الذين اختلفوا فيه } ، واختلافهم فيه أنهم أحلوا الصيد فيه تارة وحرموه تارة ، وكان الواجب عليهم أن يتفقوا في تحريمه على كلمة واحدة . وضعف القول الأول بأن اليهود متفقون على تعيين يوم السبت للفراغة . ويمكن أن يقال : لعل فيهم من اختار الجمعة في قديم الدهر ثم وقع الاختلاف . سؤال : النصارى يقولون : إن يوم الأحد مبتدأ الخلق ، والتكوين على ما اتفق عليه أهل الملل أنه تعالى خلق العالم في ستة أيام أوّلها الأحد فجعله عيداً معقول . واليهود قالت : إن يوم السبت هو اليوم الذي قد فرغ الله فيه من الأعمال فنحن نوافق ربنا . فما وجه جعل الجمعة عيداً ؟ والجواب بعد التعبد هو أن يوم الجمعة يوم التمام والكمال ، وذلك يوجب الفرح والسرور فجعله عيداً أولى .

/خ128