{ 16 } { فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى }
أي : فلا يصدك ويشغلك عن الإيمان بالساعة ، والجزاء ، والعمل لذلك ، من كان كافرا بها ، غير معتقد لوقوعها .
يسعى في الشك فيها والتشكيك ، ويجادل فيها بالباطل ، ويقيم من الشبه ما يقدر عليه ، متبعا في ذلك هواه ، ليس قصده الوصول إلى الحق ، وإنما قصاراه اتباع هواه ، فإياك أن تصغي إلى من هذه حاله ، أو تقبل شيئا من أقواله وأعماله الصادرة عن الإيمان بها والسعي لها سعيها ، وإنما حذر الله تعالى عمن هذه حاله لأنه من أخوف ما يكون على المؤمن بوسوسته وتدجيله{[514]} وكون النفوس مجبولة على التشبه ، والاقتداء بأبناء الجنس ، وفي هذا تنبيه وإشارة إلى التحذير عن كل داع إلى باطل ، يصد عن الإيمان الواجب ، أو عن كماله ، أو يوقع الشبهة في القلب ، وعن النظر في الكتب المشتملة على ذلك ، وذكر في هذا الإيمان به ، وعبادته ، والإيمان باليوم الآخر ، لأن هذه الأمور الثلاثة أصول الإيمان ، وركن الدين ، وإذا تمت تم أمر الدين ، ونقصه أو فقده بنقصها ، أو نقص شيء منها . وهذه نظير قوله تعالى في الإخبار عن ميزان سعادة الفرق ، الذين أوتوا
الكتاب وشقاوتهم : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئون وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ }
وقوله : { فَتَرْدَى } أي : تهلك وتشقى ، إن اتبعت طريق من يصد عنها ،
فأما من فسدت فطرته واتبع هواه فيغفل ويجهل ، فيسقط ومصيره إلى الردى :
( فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردى ) . .
ذلك أن اتباع الهوى هو الذي ينشى ء التكذيب بالساعة . فالفطرة السليمة تؤمن من نفسها بأن الحياة الدنيا لا تبلغ فيها الإنسانية كمالها ، ولا يتم فيها العدل تمامه ، وأنه لا بد من حياة أخرى يتحقق فيها الكمال المقدر للإنسان ، والعدل المطلق في الجزاء على الأعمال .
والضمير في قوله { عنها } عائد على ‹الساعة› ، يريد الإيمان بالساعة فأوقع الضمير عليها ، ويحتمل أن يعود على { الصلاة } [ طه : 14 ] وقالت فرقة المراد عن لا إله إلا الله ع : وهذا متجه ، والأولان أبين وجهاً . وقوله { فتردى } معناه تهلك والردى الهلاك ومنه قوله دريد بن الصمة : [ الطويل ]
تنادوا فقالوا أردت الخيل فارساً . . . فقلت أعبد الله ذلكمُ الردي ؟{[8093]}
وهذا الخطاب كله لموسى عليه السلام وكذلك ما بعده ، وقال النقاش : الخطاب ب { فلا يصدنك } لمحمد عليه السلام وهذا بعيد ، وفي مصحف عبد الله بن مسعود «أكاد أخفيها من نفسي » وعلى هذه القراءة تركب ذلك القول المتقدم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.