تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِذۡ تَلَقَّوۡنَهُۥ بِأَلۡسِنَتِكُمۡ وَتَقُولُونَ بِأَفۡوَاهِكُم مَّا لَيۡسَ لَكُم بِهِۦ عِلۡمٞ وَتَحۡسَبُونَهُۥ هَيِّنٗا وَهُوَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيمٞ} (15)

{ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ } أي : تلقفونه ، ويلقيه بعضكم إلى بعض ، وتستوشون حديثه ، وهو قول باطل . { وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ } والأمران محظوران ، التكلم بالباطل ، والقول بلا علم ، { وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا } فلذلك أقدم عليه من أقدم من المؤمنين الذين تابوا منه ، وتطهروا بعد ذلك ، { وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ } وهذا فيه الزجر البليغ ، عن تعاطي بعض الذنوب على وجه التهاون بها ، فإن العبد لا يفيده حسبانه شيئا ، ولا يخفف من عقوبة الذنب ، بل يضاعف الذنب ، ويسهل عليه مواقعته مرة أخرى .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِذۡ تَلَقَّوۡنَهُۥ بِأَلۡسِنَتِكُمۡ وَتَقُولُونَ بِأَفۡوَاهِكُم مَّا لَيۡسَ لَكُم بِهِۦ عِلۡمٞ وَتَحۡسَبُونَهُۥ هَيِّنٗا وَهُوَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيمٞ} (15)

والقرآن يرسم صورة لتلك الفترة التي أفلت فيها الزمام ؛ واختلت فيها المقاييس ، واضطربت فيها القيم ، وضاعت فيها الأصول :

( إذ تلقونه بألسنتكم ، وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم ؛ وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ) . .

وهي صورة فيها الخفة والاستهتار وقلة التحرج ، وتناول أعظم الأمور وأخطرها بلا مبالاة ولا اهتمام :

( إذ تلقونه بألسنتكم ) . . لسان يتلقى عن لسان ، بلا تدبر ولا ترو ولا فحص ولا إنعام نظر . حتى لكأن القول لا يمر على الآذان ، ولا تتملاه الرؤوس ، ولا تتدبره القلوب ! ( وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم ) . . بأفواهكم لا بوعيكم ولا بعقلكم ولا بقلبكم . إنما هي كلمات تقذف بها الأفواه ، قبل أن تستقر في المدارك ، وقبل أن تتلقاها العقول . . ( وتحسبونه هينا )أن تقذفوا عرض رسول الله ، وأن تدعوا الألم يعصر قلبه وقلب زوجه وأهله ؛ وأن تلوثوا بيت الصديق الذي لم يرم في الجاهلية ؛ وأن تتهموا صحابيا مجاهدا في سبيل الله . وأن تمسوا عصمة رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] وصلته بربه ، ورعاية الله له . . ( وتحسبونه هينا ) . . ( وهو عند الله عظيم ) . . وما يعظم عند الله إلا الجليل الضخم الذي تزلزل له الرواسي ، وتضج منه الأرض والسماء .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِذۡ تَلَقَّوۡنَهُۥ بِأَلۡسِنَتِكُمۡ وَتَقُولُونَ بِأَفۡوَاهِكُم مَّا لَيۡسَ لَكُم بِهِۦ عِلۡمٞ وَتَحۡسَبُونَهُۥ هَيِّنٗا وَهُوَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيمٞ} (15)

{ إذ } ظرف { لمسكم } أو { أفضتم } . { تلقونه بألسنتكم } يأخذه بعضكم من بعض بالسؤال عنه يقال تلقى القول كتلقفه وتلقنه ، قرىء " تتلقونه " على الأصل و { تلقونه } من لقيه إذا لقفه و { تلقونه } بكسر حرف المضارعة و { تلقونه } من إلقائه بعضهم على بعض ، و { تلقونه } و " تألقونه " من الألق والألق وهو الكذب ، و " تثقفونه " من ثقفته إذا طلبته فوجدته و " تقفونه " أي تتبعونه . { وتقولون بأفواهكم } أي و تقولون كلاما مختصا بالأفواه بلا مساعدة من القلوب . { ما ليس لكم به علم } لأنه ليس تعبيرا عن علم به في قلوبكم كقوله تعالى : { يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم } . { وتحسبونه هينا } سهلا لا تبعة له . { وهو عند الله عظيم } في الوزر واستجرار العذاب ، فهذه ثلاثة آثام مترتبة علق بها مس العذاب العظيم ، تلقي الإفك بألسنتهم والتحدث به من غير تحقق واستصغارهم لذلك وهو عند الله عظيم .