تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يُؤۡفَكُ عَنۡهُ مَنۡ أُفِكَ} (9)

{ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ } أي : يصرف عنه من صرف عن الإيمان ، وانصرف قلبه عن أدلة الله اليقينية وبراهينه ، واختلاف قولهم ، دليل على فساده وبطلانه ، كما أن الحق الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ، متفق [ يصدق بعضه بعضًا ] ، لا تناقض فيه ، ولا اختلاف ، وذلك ، دليل على صحته ، وأنه من عند الله { وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يُؤۡفَكُ عَنۡهُ مَنۡ أُفِكَ} (9)

ثم يستطرد فيقرر أنهم يعيشون في أوهام وظنون في أمر الآخرة ، لا يستندون فيها إلى حق أو يقين . فهم في قول مختلف في هذا الحق المبين .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يُؤۡفَكُ عَنۡهُ مَنۡ أُفِكَ} (9)

{ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ } أي : إنما يروج على من هو ضال في نفسه ؛ لأنه قول باطل إنما ينقاد له ويضل بسببه ويؤفك عنه من هو مأفوك ضال غَمْر ، لا فهم له ، كما قال تعالى : { فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ } [ الصافات : 161 - 163 ] .

قال ابن عباس ، والسدي : { يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ } : يضل عنه من ضل . وقال مجاهد : { يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ } يؤفن عنه من أفن . وقال الحسن البصري : يصرف عن هذا القرآن من كذب به .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يُؤۡفَكُ عَنۡهُ مَنۡ أُفِكَ} (9)

و : { يؤفك } معناه : يصرف ، فالمعنى : يصرف عن كتاب الله من صرف ممن غلبت شقاوته ، وكان قتادة يقول : المأفوك منا اليوم عن كتاب الله كثيراً ، ويحتمل أن يعود الضمير على القول ، أي : يصرف بسببه من أراد الإسلام ، بأن يقال له هو سحر ، هو كهانة ؛ وهذا حكاه الزهراوي .

ويحتمل أن يعود الضمير في { عنه } على القول ، أي يصرف عنه بتوفيق الله إلى الإسلام من غلبت سعادته ، وهذا على أن يكون قوله : { إنكم لفي قول مختلف } للكفار فقط .

قال القاضي أبو محمد : وهذا وجه حسن لا يُخِلُّ به ، إلا أن عُرْفَ الاستعمال في «أَفَكَ » ، إنما هو في الصرف من خير إلى شر ، وتأمل ذلك تجدْها أبداً في المصروفين المذمومين ، وحكى أبو عمرو عن قتادة أنه قرأ «من أَفَكَ » بفتح الهمزة والفاء .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يُؤۡفَكُ عَنۡهُ مَنۡ أُفِكَ} (9)

و{ يؤفك } : يصرف . والأفك بفتح الهمزة وسكون الفاء : الصرف . وأكثر ما يستعمل في الصرف عن أمر حسن ، قاله مجاهد كما في « اللسان » ، وهو ظاهر كلام أيمة اللغة والفراء وشمّر وذلك مدلوله في مواقعه من القرآن .

وجملة { يؤفك عنه من أفك } يجوز أن تكون في محل صفة ثانية ل { قولٍ مختلف } ، ويجوز أن تكون مستأنفة استئنافاً بيانياً ناشئاً عن قوله : { وإن الدين لواقع } [ الذاريات : 6 ] ، فتكون جملة { والسماء ذاتِ الحبك إنكم لفي قول مختلف } معترضة بين الجملة البيانية والجملة المبيَّن عنها . ثم إن لفظ { قول } يقتضي شيئاً مقولاً في شأنه فإذ لم يذكر بعد { قول } ما يدل على مقول صلَح لجميع أقوالهم التي اختلقوها في شأنه للقرآن ودعوة الإسلام كما تقدم .

فلما جاء ضميرُ غيبة بعد لفظ { قول } احتمل أن يعود الضمير إلى { قولٍ } لأنه مذكور ، وأن يعود إلى أحوال المقول في شأنه فقيل ضمير { عنه } عائد إلى { قول مختلف } وأن معنى { يؤفك عنه } يصرف بسببه ، أي يصرف المصروفون عن الإيمان فتكون ( عن ) للتعليل كقوله تعالى : { وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك } [ هود : 53 ] وقوله تعالى : { وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلاّ عن موعدة وعدها إياه } [ التوبة : 114 ] ، وقيل ضمير { عنه } عائد إلى { ما توعدون } [ الذاريات : 22 ] أو عائد إلى { الدين } [ الذاريات : 6 ] ، أي الجزاء أن يؤفك عن الإيمان بالبعث والجزاء من أفك . وعن الحسن وقتادة : أنه عائد إلى القرآن أو إلى الدين ، أي لأنهما مما جرى القول في شأنهما ، وحرف ( عن ) للمجاوزة .

وعلى كل فالمراد بقوله { من أفك } المشركون المصروفون عن التصديق . والمراد بالذي فعل الأفك المجهول المشركون الصارفون لقومهم عن الإيمان ، وهما الفريقان اللذان تضمنهما قوله تعالى : { وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والْغَوْا فيه لعلكم تغلِبُون } [ فصلت : 26 ] .

وإنما حذف فاعل { يؤفك } وأبهم مفعوله بالموصولية للاستيعاب مع الإيجاز .

وقد حمَّلهم الله بهاتين الجملتين تبعةَ أنفسهم وتبعة المغرورين بأقوالهم كما قال تعالى : { وليحملن أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم } [ العنكبوت : 13 ] .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{يُؤۡفَكُ عَنۡهُ مَنۡ أُفِكَ} (9)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{يؤفك عنه من أفك} يعني عن الإيمان بالقرآن، يعني يصرف عن القرآن من كذب به، يعني الخراصين، يقول: الكذابون الذين يخرصون الكذب...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أَفِكَ" يقول: يصرف عن الإيمان بهذا القرآن من صرف، ويدفع عنه من يُدْفع، فيُحْرَمه... قال ابن زيد، في قوله: "يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ" قال: يُؤْفَك عنه المشركون.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

يحتمل وجوها:

أحدها: أي يُصرف عن الحق من صُرِفَ عن النظر والتفكّر في العاقبة.

والثاني: صُرفوا عما رجَوا في الآخرة لما صُرفوا عن الحق في الدنيا، لأنهم كانوا يعبدون الأصنام رجاء أن تقرّبهم عبادتُها إلى الله تعالى وأنها شفعاؤهم عند الله تعالى؛ يقول الله تعالى: صُرف من رجا ذلك في الآخرة لما صُرف عن الحق في الدنيا، والله أعلم.

والثالث: يُصرف من طمِع في الآخرة الشِّرْكة مع المسلمين، وادّعى الخُلوص، بما صُرف في الدنيا عن الإيمان الذي به ينال الآخرة.

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

{يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ}: يؤفن عنه من أفن...

والأفن: فساد العقل.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

"يؤفك عنه من أفك" معناه يصرف عنه من صرف، ومنه قوله "أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا" أي لتصرفنا، وتصدنا. وإنما قيل "يؤفك" عن الحق لأنه يمكن فيه ذلك من غيره، ولا يمكن من نفسه، لأن الحق يدعو إلى نفسه ولا يصرف عنها إلى خلافه...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{يؤفك} أي يصرف بأيسر أمر وأسهله عن سنن الاستقامة، ويقلب من وجهه لقفاه {عنه} أي يصدر صرفه عن هذا القول مجازاً لما يلزمه من عاره، فهو لأجل ذلك يقوله {من أفك} أي قلبه قلب قاهر أي تبين بهذا الصرف الذي هو أعظم الصرف أنه حكم في الأزل حكماً ثابتاً جامعاً، فصار لا يصد عنه قول ولا فعل إلا كان مقلوباً وجهه إلى قفاه لا يمكن أن يأتي منه بشيء على وجهه، فكأنه لا مأفوك سواه لشدة افكه وعجيب أمره...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

و {يؤفك}: يصرف. والأَفْك -بفتح الهمزة وسكون الفاء-: الصرف. وأكثر ما يستعمل في الصرف عن أمر حسن، قاله مجاهد كما في « اللسان»، وهو ظاهر كلام أيمة اللغة والفراء وشمّر، وذلك مدلوله في مواقعه من القرآن.

وجملة {يؤفك عنه من أفك} يجوز أن تكون في محل صفة ثانية ل {قولٍ مختلف}، ويجوز أن تكون مستأنفة استئنافاً بيانياً ناشئاً عن قوله: {وإن الدين لواقع} [الذاريات: 6]، فتكون جملة {والسماء ذاتِ الحبك إنكم لفي قول مختلف} معترضة بين الجملة البيانية والجملة المبيَّن عنها. ثم إن لفظ {قول} يقتضي شيئاً مقولاً في شأنه فإذ لم يذكر بعد {قول} ما يدل على مقول صلَح لجميع أقوالهم التي اختلقوها في شأنه للقرآن ودعوة الإسلام كما تقدم.

فلما جاء ضميرُ غيبة بعد لفظ {قول} احتمل أن يعود الضمير إلى {قولٍ} لأنه مذكور، وأن يعود إلى أحوال المقول في شأنه فقيل ضمير {عنه} عائد إلى {قول مختلف} وأن معنى {يؤفك عنه} يصرف بسببه، أي يصرف المصروفون عن الإيمان فتكون (عن) للتعليل كقوله تعالى: {وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك} [هود: 53] وقوله تعالى: {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلاّ عن موعدة وعدها إياه} [التوبة: 114]، وقيل ضمير {عنه} عائد إلى {ما توعدون} [الذاريات: 22] أو عائد إلى {الدين} [الذاريات: 6]، أي الجزاء أن يؤفك عن الإيمان بالبعث والجزاء من أفك. وعن الحسن وقتادة: أنه عائد إلى القرآن أو إلى الدين، أي لأنهما مما جرى القول في شأنهما، وحرف (عن) للمجاوزة.

وعلى كل فالمراد بقوله {من أفك} المشركون المصروفون عن التصديق. والمراد بالذي فعل الأفك المجهول المشركون الصارفون لقومهم عن الإيمان، وهما الفريقان اللذان تضمنهما قوله تعالى: {وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والْغَوْا فيه لعلكم تغلِبُون} [فصلت: 26].

وإنما حذف فاعل {يؤفك} وأبهم مفعوله بالموصولية للاستيعاب مع الإيجاز.

وقد حمَّلهم الله بهاتين الجملتين تبعةَ أنفسهم وتبعة المغرورين بأقوالهم كما قال تعالى: {وليحملن أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم} [العنكبوت: 13].