اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{يُؤۡفَكُ عَنۡهُ مَنۡ أُفِكَ} (9)

قوله : «يُؤفك عنه » صفة لقول ، والضمير في «عنه » للقرآن ، أو الرسول ، أو للدين ، أو لما توعدون ، أي يصرف عنه .

وقيل : عن السبب . والمأفوك عنه محذوف ، والضمير في «عنه » على هذا القول مختلف ، أي يؤفك بسبب القول من أراد الإسلام بأن يقول : هو سحرٌ وكَهَانَةٌ{[52696]} .

والعامة على بناء الفعلين للمفعول . وقتادة وابن جبير : يُؤْفَكُ عنه من أَفِكَ ، الأول للمفعول ، والثاني للفاعل ، أي يُصْرَفُ عنه من صَرَفَ الناسَ عَنْهُ{[52697]} . وزيد بن علي : يَأْفِكُ مبنياً للفاعل من أفِكَ مبنياً للمفعول عكس ما قبله ، أي يَصْرِف الناسَ عَنْه مَنْ هو مَأْفُوكٌ في نَفْسِهِ{[52698]} .

وعنه أيضاً : يُؤفّكُ عنه من أفَّكَ بالتشديد ، أي من هو أَفَّاك في نفسه .

وقرئ : يُؤْفَن عنه من أُفِن{[52699]} بالنون فيهما أي يُحْرَمُهُ من حُرِمَهُ من أَفَنَ الضَّرْعَ إذا نَهَكَهُ حَلْباً{[52700]} .

فصل

قيل في تفسير قوله : { يؤفك عنه من أفك } وجوه :

أحدها : مدح المؤمنين ، ومعناه يصرف عن القول المختلف من صرف عن ذلك القول ، ويرشد إلى القول المستوي . وقيل : إنه ذم{[52701]} ومعناه يؤفك عن الإيمان به من صرف حتى يكذبه ، يعني من حرمه الله الإيمان بمحمد وبالقرآن . وقيل «عن » بمعنى «مِنْ أجل » ، أي يصرف من أجل هذا القول المختلف ، أو بسببه عن الإيمان من صرف ، وذلك أنهم كانوا يتلقون الرجل إذا أراد الإيمان ، فيقولون : إنه ساحر ، وكاهن ، ومجنون ، فيصرفونه عن الإيمان ، قاله مجاهد{[52702]} .


[52696]:انظر: الرازي 28/197.
[52697]:وهي شاذة. ذكرها صاحب البحر 8/135 وحينئذ يكون الفاعل تقديره هو. وانظر: المختصر لابن خالويه 154 وقد ضبطها محقق ابن خالويه أَفَكَ بفتح والفاء في الماضي وجاءت مفتوحة الفاء ومكسورتها معا في اللسان "أ ف ك".
[52698]:المرجع السابق وهو البحر المحيط 8/135.
[52699]:القرطبي 17/33 وانظر: البحر المرجع السابق وانظر الكشاف في تلك القراءة وسابقتيها وكلها شاذة غير متواترة.
[52700]:المراجع السابقة وفي القرطبي: أنهكه حليا بالرباعي.
[52701]:الرازي 28/198.
[52702]:وانظر: معالم التنزيل للإمام البغوي 6/241 و242.