تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَأَنۡ أَتۡلُوَاْ ٱلۡقُرۡءَانَۖ فَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهۡتَدِي لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَقُلۡ إِنَّمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُنذِرِينَ} (92)

{ و } أمرت أيضا { أن أَتْلُوَ } عليكم { الْقُرْآنُ } لتهتدوا به وتقتدوا وتعلموا ألفاظه ومعانيه فهذا الذي علي وقد أديته ، { فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ } نفعه يعود عليه وثمرته عائدة إليه { وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ } وليس بيدي من الهداية شيء .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَأَنۡ أَتۡلُوَاْ ٱلۡقُرۡءَانَۖ فَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهۡتَدِي لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَقُلۡ إِنَّمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُنذِرِينَ} (92)

59

هذا قوام دعوته . أما وسيلة هذه الدعوة فهي تلاوة القرآن :

( وأن أتلو القرآن ) . .

فالقرآن هو كتاب هذه الدعوة ودستورها ووسيلتها كذلك . وقد أمر أن يجاهد به الكفار . وفيه وحده الغناء فى جهاد الأرواح والعقول . وفيه ما يأخذ على النفوس أقطارها ، وعلى المشاعر طرقها ؛ وفيه ما يزلزل القلوب الجاسية ويهزها هزا لا تبقى معه على قرار . وما شرع القتال بعد ذلك إلا لحماية المؤمنين من الفتنة ، وضمان حرية الدعوة بهذا القرآن ، والقيام على تنفيذ الشرائع بقوة السلطان . أما الدعوة ذاتها فحسبها كتابها . . ( وأن أتلو القرآن ) . .

( فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه . ومن ضل فقل : إنما أنا من المنذرين ) . .

وفي هذا تتمثل فردية التبعة في ميزان الله ، فيما يختص بالهدى والضلال . وفي فردية التبعة تتمثل كرامة هذا الإنسان ، التي يضمنها الإسلام ، فلا يساق سوق القطيع إلى الإيمان . إنما هي تلاوة القرآن ، وتركه يعمل عمله في النفوس ، وفق منهجه الدقيق العميق ، الذي يخاطب الفطرة في أعماقها ، وفق ناموسها المتسق مع منهج القرآن .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَأَنۡ أَتۡلُوَاْ ٱلۡقُرۡءَانَۖ فَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهۡتَدِي لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَقُلۡ إِنَّمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُنذِرِينَ} (92)

وقوله : { وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ } أي : على الناس أبلغهم إياه ، كقوله : { ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ } [ آل عمران : 58 ] ، وكقوله : { نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [ القصص : 3 ] أي : أنا مبلغ ومنذر ، { فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ } أي : لي سوية الرسل الذين أنذروا قومهم ، وقاموا بما عليهم من أداء الرسالة إليهم ، وخَلَصُوا من عهدتهم ، وحساب أممهم على الله ، كقوله تعالى : { فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ } [ الرعد : 40 ] ، وقال : { إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ } [ هود : 12 ] .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَأَنۡ أَتۡلُوَاْ ٱلۡقُرۡءَانَۖ فَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهۡتَدِي لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَقُلۡ إِنَّمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُنذِرِينَ} (92)

وقرأ ابن مسعود «وأن اتل القرآن »{[9096]} بمعنى وقيل لي اتل القرآن و «اتل » معناه تابع بقراءتك بين آياته واسرده وتلاوة القرآن سبب الاهتداء إلى خير كثير ، وقوله { فمن اهتدى } معناه من تكسب الهدى والإيمان ونظر نظراً ينجيه ف { لنفسه } سعيه .

قال القاضي أبو محمد : فنسبة الهدى والضلال إلى البشر في هذه الآية إنما هي بالتكسب والحرص والحال التي يقع عليها الثواب والعقاب والكل أيضاً من الله تعالى بالاختراع .


[9096]:قال في البحر توضيحا لها: وهي أمر من (تلا) وجاز أن تكون (أن) مصدرية وصلت بالأمر، وجاز أن تكون مفسرة على إضمار، وأمرت أن اتل. وقال الفراء في معاني القرآن: "وفي إحدى القراءتين {وأن اتل} بغير واو مجزومة على جهة الأمر، وقد أسقطت منها الواو للجزم على جهة الأمر" ونقل القرطبي عن النحاس قوله: "ولا نعرف أحدا قرأ هذه القراءة، وهي مخالفة لجميع المصاحف".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَأَنۡ أَتۡلُوَاْ ٱلۡقُرۡءَانَۖ فَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهۡتَدِي لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَقُلۡ إِنَّمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُنذِرِينَ} (92)

والتلاوة : قراءة كلام معين على الناس ، وقد تقدم في قوله تعالى { الذين ءاتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته } [ البقرة : 121 ] ، وقوله { واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان } في سورة البقرة ( 102 ) .

وحذف متعلق التلاوة لظهوره ، أي أن أتلوا القرآن على الناس . وفرع على التلاوة ما يقتضي انقسام الناس إلى مهتد وضال ، أي منتفع بتلاوة القرآن عليه وغير منتفع مبيناً أن من اهتدى فإنما كان اهتداؤه لفائدة نفسه . وهذا زيادة في تحريض السامعين على الاهتداء بهدي القرآن لأن فيه نفعه كما آذنت به اللام .

وإظهار فعل القول هنا لتأكيد أن حظ النبي صلى الله عليه وسلم ن دعوة المعرضين الضالين أن يبلغهم الإنذار فلا يطمعوا أن يحمله إعراضهم على أن يلح عليهم قبول دعوته . والمراد بالمنذرين : الرسل ، أي إنما أنا واحد من الرسل ما كنت بدعاً من الرسل وسنتي سنة من أرسل من الرسل قبلي وهي التبليغ { فهل على الرسل إلا البلاغ المبين } [ النحل : 35 ] .