البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَأَنۡ أَتۡلُوَاْ ٱلۡقُرۡءَانَۖ فَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهۡتَدِي لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَقُلۡ إِنَّمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُنذِرِينَ} (92)

{ وأن أتلوا القران } ، إما من التلاوة ، أي : وأن أتلو عليكم القرآن ، وهذا الظاهر ، إذ بعده التقسيم المناسب للتلاوة ، وإما من المتلو ، أي : وأن أتبع القرآن ، كقوله : { واتبع ما يوحى إليك } وقرأ الجمهور : وأن أتلو .

وقرأ عبد الله : وأن اتل ، بغير واو ، أمراً من تلا ، فجاز أن تكون أن مصدرية وصلت بالأمر ، وجاز أن تكون مفسرة على إضمار : وأمرت أن أتل ، أي اتل .

وقرأ أبي : واتل هذا القرآن ، جعله أمراً دون أن .

{ فمن اهتدى } ، به ووحد الله ونبيه وآمن بما جاء به ، فثمرة هدايته مختصة به .

{ ومن ضل } ، فوبال إضلاله مختص به ، وحذف جواب من ضل لدلالة جواب مقابله عليه ، أو يقدر في قوله : { فقل إنما أنا من المنذرين } ضمير حي يربط الجزاء بالشرط ، إذ أداة الشرط اسم وليس ظرفاً ، فلا بد في جملة الجواب من ذكر يعود عليه ملفوظ به أو مقدر ، فتكون هذه الجملة هي جواب الشرط ، ويقدر الضمير من المنذرين له ، ليس علي إلا إنذاره ، وأما هدايته فإلى الله .