جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{وَأَنۡ أَتۡلُوَاْ ٱلۡقُرۡءَانَۖ فَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهۡتَدِي لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَقُلۡ إِنَّمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُنذِرِينَ} (92)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَىَ فَإِنّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلّ فَقُلْ إِنّمَآ أَنَاْ مِنَ الْمُنذِرِينَ } .

يقول تعالى ذكره : قُلِ إنّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبّ هذِه البَلْدَةِ و أَنْ أَكُونَ مِنَ المُسْلِمِين وأنْ أتْلُوَا القُرآنَ ، فَمَنِ اهْتَدَى يقول : فمن تبعني وآمن بي وبما جئت به ، فسلك طريق الرشادفإنّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ يقول : فإنما يسلك سبيل الصواب باتباعه إياي ، وإيمانه بي ، وبما جئت به لنفسه ، لأنه بإيمانه بي ، وبما جئت به يأمن نقمته في الدنيا وعذابه في الآخرة . وقوله : وَمَنْ ضَلّ يقول : ومن جار عن قصد السبيل بتكذيبه بي وبما جئت به من عند الله فَقُل إنّمَا أنا مِنَ المُنْذِرِينَ يقول تعالى ذكره : فقل يا محمد لمن ضلّ عن قصد السبيل ، وكذبك ، ولم يصدّق بما جئت به من عندي ، إنما أنا ممن ينذر قومه عذاب الله وسخطه على معصيتهم إياه ، وقد أنذرتكم ذلك معشر كفار قُريش ، فإن قبلتم وانتهيتم عما يكرهه الله منكم من الشرك به ، فحظوظَ أنفسكم تصيبون ، وإن رددتم وكذبتم فعلى أنفسكم جنيتم ، وقد بلّغتكم ما أمرت بإبلاغه إياكم ، ونصحت لكم .