فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَأَنۡ أَتۡلُوَاْ ٱلۡقُرۡءَانَۖ فَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهۡتَدِي لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَقُلۡ إِنَّمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُنذِرِينَ} (92)

{ وأن أتلوا القرآن } وأمرت أن أتلو القرآن ، وهو من عطف الخاص على العام ، وقد يراد بالتلاوة القراءة على الناس إبلاغا وتبشيرا وتحذيرا- كقوله تعالى : )ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم( {[2987]} وكقوله تعالى : )نتلو عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق . . ( {[2988]} أي أنا مبلغ ومنذر-{[2989]} ، وقد يراد بها : التلو والاتباع ، كما جاء في الآية الكريمة : )الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته . . ( {[2990]} أي يتبعونه حق الاتباع[ وقيل : { أتلو } من تلاه إذا اتبعه ، أي : وأن أتبع القرآن ، وهو خلاف الظاهر ]{[2991]} ، { فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين } فمن اتبع النور والكتاب المبين ، فقد هدي إلى الصراط المستقيم ، ولنفسه بغى الفوز والنعيم المقيم ، أعطاها حظها من العز والتكريم ، ومن ضل عن الحق ، وعمي عن الرشد ، وصد عن البر فقل له : لا أملك لك من الله شيئا قد أبلغتك ، فما أنا عليكم بوكيل ، وإنما أنا بشير ونذير ، وقد بلغت وخرجت عن عهدة الإنذار فليس علي من وبال ضلالكم وإجرامكم شيء ) . . ولا تسأل عن أصحاب الجحيم( {[2992]} فمن عمي فعلى نفسه ، ومن أعرض عن ذكر ربه ومنهاجه فإن له معيشة ضنكا ، ويحشره الله يوم القيامة أعمى ، وهو قريب من معنى قول المولى- تبارك اسمه- : )قل يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين . وأن أقم وجهك للدين حنيفا . . ( {[2993]} .


[2987]:سورة آل عمران. الآية 58.
[2988]:سورة القصص. من الآية 3.
[2989]:ما بين العارضتين من تفسير القرآن العظيم.
[2990]:سورة البقرة. من الآية 121.
[2991]:ما بين العلامتين[ ] من روح المعاني.
[2992]:سورة البقرة. من الآية 119.
[2993]:سورة يونس. الآية 104، ومن الآية 105.