يخبر تعالى عن جهل المشركين وظلمهم ، أنهم يعبدون من دونه آلهة اتخذوها شركاء لله ، والحال أنهم لا يملكون لهم رزقا من السماوات والأرض ، فلا ينزلون مطرا ، ولا رزقا ، ولا ينبتون من نبات الأرض شيئا ، ولا يملكون مثقال ذرة في السماوات والأرض ، ولا يستطيعون لو أرادوا ، فإن غير المالك للشيء ربما كان له قوة واقتدار على ما ينفع من يتصل به ، وهؤلاء لا يملكون ولا يقدرون .
فهذه صفة آلهتهم كيف جعلوها مع الله ، وشبهوها بمالك الأرض والسماوات ، الذي له الملك كله ، والحمد كله ، والقوة كلها ؟ "
يقول تعالى إخبارا عن المشركين الذين عبدوا معه غيره ، مع أنه هو المنعم المتفضل الخالق الرازق وحده لا شريك له ، ومع هذا يعبدون من دونه من الأصنام والأنداد والأوثان { مَا لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ شَيْئًا } ، أي : لا يقدر على إنزال مطر ، ولا إنبات زرع ولا شجر ، ولا يملكون ذلك ، أي : ليس لهم{[16591]} ذلك ، ولا يقدرون عليه لو أرادوه ، ولهذا قال تعالى : { فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأمْثَالَ } .
هذه آية تقريع للكفار وتوبيخ ، وإظهار لفساد نظرهم ، ووضع لهم من الأصنام في الجهة التي فيها سعي الناس وإليها هممهم ، وهي : طلب الرزق ، وهذه الأصنام لا تملك إنزال المطر ولا إثبات نعمة ، ومع أنها لا تملك ، لا تستطيع أن تحاول ذلك من ملك الله تعالى ، وقوله { رزقاً } ، مصدر ، ونصبه على المفعول ب { يملك } ، وقوله : { شيئاً } ، ذهب كثير من النحويين إلى أنه منصوب على البدل ، من قوله : { رزقاً } ، و { رزقاً } اسم ، وذهب الكوفيون ، وأبو علي معهم ، إلى أنه : منصوب بالمصدر في قوله : { رزقاً } ، ولا نقدره اسماً ، وهو كقوله تعالى : { ألم نجعل الأرض كفاتاً أحياء وأمواتاً }{[7372]} [ المرسلات : 25-26 ] ، ف : { كفاتاً } [ المرسلات : 25 ] ، مصدر منصوب به : { أحياء } [ المرسلات : 26 ] ، ومنه أيضاً في قوله عز وجل : { أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيماً ذا مقربة }{[7373]} [ البلد : 14-15 ] ، فنصب : { يتيماً } ، [ البلد : 15 ] ب : { إطعام } [ البلد : 14 ] ، ومنه قول الشاعر : [ الطويل ]
فلولا رجاء النصر منك ورهبة . . . عقابك قد صاروا لنا كالموارد{[7374]}
والمصدر يعمل مضافاً باتفاق ؛ لأنه في تقدير الانفصال ، ولا يعمل إذا دخله الألف واللام ؛ لأنه قد توغل في حال الأسماء ، وبعُد عن حال الفعلية ، وتقدير الانفصال في الإضافة حسن عمله ، وقد جاء عاملاً مع الألف واللام في قول الشاعر :
ضعيف النكاية أعداءه{[7375]} . . . البيت :
وقوله : عن الضرب مسمعاً{[7376]} ، وقوله : { يملك } ، على لفظ { ما } ، وقوله : { يستطيعون } ، على معناها ، بحسب اعتقاد الكفار في الأصنام أنها تعقل ، ويحتمل أن يكون الضمير في : { يستطيعون } ، للذين يعبدون ، المعنى : لا يستطيعون ذلك ببرهان يظهرونه ، وحجة يثبتونها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.