فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَمۡلِكُ لَهُمۡ رِزۡقٗا مِّنَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ شَيۡـٔٗا وَلَا يَسۡتَطِيعُونَ} (73)

الرزق يكون بمعنى المصدر ، وبمعنى ما يرزق ، فإن أردت المصدر نصبت به { شَيْئاً } ، كقوله : { أَوْ إِطْعَامٌ . . . . يَتِيماً } [ البلد : 14 ] ، على لا يملك أن يرزق شيئاً . وإن أردت المرزوق كان " شيئاً " بدلاً منه ، بمعنى : قليلاً . ويجوز أن يكون تأكيداً ل " لا يملك " ، أي : لا يملك شيئاً من الملك . و { مّنَ السماوات والأرض } ، صلة للرزق إن كان مصدراً ، بمعنى : لا يرزق من السماوات مطراً ، ولا من الأرض نباتاً . أو صفة إن كان اسماً لما يرزق . والضمير في { وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ } لما ؛ لأنه في معنى الآلهة ، بعد ما قيل { لاَ يَمْلِكُ } على اللفظ . ويجوز أن يكون للكفار ، يعني : ولا يستطيع هؤلاء - مع أنهم أحياء متصرفون أولو ألباب - من ذلك شيئاً ، فكيف بالجماد الذي لا حس به ؟ . فإن قلت : ما معنى قوله : ( ولا يستطيعون ) ، بعد قوله : { لاَ يَمْلِكُ } ؟ وهل هما إلا شيء واحد ؟ قلت : ليس في { لاَ يَسْتَطِيعُونَ } تقدير راجع ، وإنما المعنى : لا يملكون أن يرزقوا ، والاستطاعة منفية عنهم أصلا ؛ لأنهم موات ، إلا أن يقدر الراجع ، ويراد بالجمع بين نفي الملك والاستطاعة للتوكيد ، أو يراد : أنهم لا يملكون الرزق ولا يمكنهم أن يملكوه ، ولا يتأتى ذلك منهم ولا يستقيم .