فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَمۡلِكُ لَهُمۡ رِزۡقٗا مِّنَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ شَيۡـٔٗا وَلَا يَسۡتَطِيعُونَ} (73)

{ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ شَيْئًا وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ ( 73 ) }

{ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ } ، داخل تحت الإنكار التوبيخي ، إنكارا منه سبحانه عليهم ، حيث يعبدون الأصنام ، وهي لا تنفع ولا تضر ؛ ولهذا قال : { مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ شَيْئًا } . المعنى : إن هؤلاء الكفار يعبدون معبودات لا تملك لهم رزقا ، أي : رزق كائنا منهما .

عن قتادة قال : هذه الأوثان التي تعبد من دون الله لا تملك لمن يعبدها رزقا من السماوات والأرض ، ولا خيرا ولا حياة ولا نشورا . وفي " شيئا " ثلاثة أوجه :

أحدها : إنه منصوب على المصدر ، أي : لا يملك لهم ملكا ، أي : شيئا من الملك .

والثاني : إنه بدل من رزقا ، وهذا غير مفيد ؛ إذ ليس فيه بيان ولا تأكيد .

والثالث : إنه منصوب برزقا ، على أنه اسم مصدر ، وهو يعمل عمل المصدر على خلاف في ذلك ، وبه قال الفارسي . ورد عليه ابن الطراوة : بأن الرزق اسم المرزوق كالرعي والطحن ، ورد عليه : بأن الرزق أيضا مصدر .

{ وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ } ، الضمير راجع إلى : { ما } ، وجمع جمع العقلاء بناء على زعمهم الباطل ، والفائدة في نفي الاستطاعة عنهم : أن من لا يملك شيئا قد يكون موصوفا باستطاعة التملك بطريق من الطرق ، فبين سبحانه أنه لا يملك ولا يستطيع . وقيل : الضمير للكفار ، والمعنى : لا يستطيع هؤلاء الكفار مع كونهم أحياء متصرفين ، فكيف بالجمادات التي لا حياة لها ، ولا تستطيع التصرف ؟ ! .