تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ عُدۡوَٰنٗا وَظُلۡمٗا فَسَوۡفَ نُصۡلِيهِ نَارٗاۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرًا} (30)

ثم قال : { وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ } أي : أكل الأموال بالباطل وقتل النفوس { عُدْوَانًا وَظُلْمًا } أي : لا جهلا ونسيانا { فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا } أي : عظيمة كما يفيده التنكير { وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ عُدۡوَٰنٗا وَظُلۡمٗا فَسَوۡفَ نُصۡلِيهِ نَارٗاۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرًا} (30)

24

ويلي ذلك التهديد بعذاب الآخرة ، تهديد الذين يأكلون الأموال بينهم بالباطل ، معتدين ظالمين . تهديدهم بعذاب الآخرة ؛ بعد تحذيرهم من مقتلة الحياة الدنيا ودمارها . الآكل فيهم والمأكول ؛ فالجماعة كلها متضامنة في التبعة ؛ ومتى تركت الأوضاع المعتدية الظالمة ، التي تؤكل فيها الأموال بالباطل تروج فيها فقد حقت عليها كلمة الله في الدنيا والآخرة :

( ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما ، فسوف نصليه نارا ، وكان ذلك على الله يسيرا ) .

وهكذا يأخذ المنهج الإسلامي على النفس أقطارها - في الدنيا والآخرة - وهو يشرع لها ويوجهها ؛ ويقيم من النفس حارسا حذرا يقظا على تلبية التوجيه ، وتنفيذ التشريع ؛ ويقيم من الجماعة بعضها على بعض رقيبا لأنها كلها مسؤولة ؛ وكلها نصيبها المقتلة والدمار في الدنيا ، وكلها تحاسب في الآخرة على إهمالها وترك الأوضاع الباطلة تعيش فيها . . ( وكان ذلك على الله يسيرا ) فما يمنع منه مانع ، ولا يحول دونه حائل ، ولا يتخلف ، متى وجدت أسبابه ، عن الوقوع !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ عُدۡوَٰنٗا وَظُلۡمٗا فَسَوۡفَ نُصۡلِيهِ نَارٗاۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرًا} (30)

أي : ومن يتعاطى ما نهاه الله عنه متعديا فيه ظالما في تعاطيه ، أي : عالما بتحريمه متجاسرا على انتهاكه { فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا [ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ] }{[7204]} وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد ، فَلْيحذَرْ منه كل عاقل لبيب ممن ألقى السمع وهو شهيد .


[7204]:زيادة من جـ، ر، أ، وفي هـ: "الآية".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ عُدۡوَٰنٗا وَظُلۡمٗا فَسَوۡفَ نُصۡلِيهِ نَارٗاۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرًا} (30)

وقوله تعالى : { ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً } اختلف المتأولون في المشار إليه بذلك ، فقال عطاء : ذلك عائد على القتل لأنه أقرب مذكور ، وقالت فرقة : ذلك عائد على أكل المال بالباطل وقتل النفس لأن النهي عنهما جاء متسقاً مسروداً ثم ورد الوعيد حسب النهي وقالت فرقة ذلك عائد على كل ما نهى عنه من القضايا من أول السورة إلى قوله تعالى : { ومن يفعل ذلك } وقال الطبري : ذلك عائد على ما نهى عنه من آخر وعيد ، وذلك قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً } [ النساء : 19 ] لأن كل ما نهي عنه من أول السورة قرن به وعيد إلا من قوله : { يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً } فإنه والنواهي بعده لا وعيد معها ، إلا قوله : { ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً } والعدوان : تجاوز الحد ، و { نصليه } معناه : نمسه حرها ، كما تعرض الشاة المصلية ، أي نحرقه بها{[3976]} .

وقرأ الأعمش والنخعي ، «نَصليه » بفتح النون ، وقراءة الجمهور بضم النون على نقل صلى بالهمز ، وقراءة هذين على لغة من يقول : صليته ناراً ، بمعنى أصليته ، وحكى الزجّاج أنها قد قرئت «نصَلِّيه » بفتح الصاد وشد اللام المكسورة ويسير ذلك على الله عز وجل ، لأن حجته بالغة ، وحكمه لا معقب له{[3977]} .


[3976]:-صليت اللحم بالتخفيف على وجه الصلاح معناه: شويته، فأما أصليته وصليته فعلى وجه الفساد والإحراق، ومنه قوله تعالى: {فسوف نصليه نارا}، وقوله: {ويصلى سعيرا}، وفي الحديث {أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بشاة مصلية}. قال الكسائي: المصلية: المشوية، فأما إذا أحرقته وأبقيته في النار قلت: صليته بالتشديد، وأصليته. اهـ. لسان العرب (صلا)
[3977]:- قال القرطبي: "قيد الوعد بذكر العدوان والظلم ليخرج منه فعل السهو والغلط، وذكر العدوان والظلم مع تقارب معانيهما لاختلاف ألفاظهما، وحسن ذلك في الكلام". ثم ذكر بيت عدي بن زيد: فقددت الأديم لراهشيه وألفى قولها كذبا ومينا.