تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ عُدۡوَٰنٗا وَظُلۡمٗا فَسَوۡفَ نُصۡلِيهِ نَارٗاۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرًا} (30)

الآية 30 وقوله تعالى : { ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما } { عدوانا } لمجاوزته حدود الله { وظلما } على صاحبه . والعدوان هو اسم التعدي والمجاوزة عن حدود الله ، كقوله تعالى : { ومن يتعد حدود الله } ( البقرة 229 ) ويحتمل قوله تعالى : { وظلما } على نفسه كقوله تعالى : { ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه } ( الطلاق 1 ) وقوله تعالى : { ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون } ( البقرة 229 ) وقله تعالى : { فلا تظلموا أنفسكم } ( التوبة 36 ) وهذا الوعيد والله اعلم ، لمن يفعل ذلك مستخفا بحدود الله واستحلالا منه لذلك . وإلا لو كان ذلك على غير وجه الاستخفاف بها والاستحلال لها لم يستوجب هذا الوعيد .

ألا ترى أنه قال تعالى : { كتب عليكم القصاص في القتلى } ( البقرة 178 ) ثم قال عز وجل : { فمن عفى له من رحمة أخيه شيء } ( البقرة 178 ) إنما جاء هذا قتل العمد ، ثم أبقى الأخوة في ما بينهما وأخبر أن ذلك تخفيف منه ورحمة وتخليد{[5404]} في النار ؟ وعلى ذلك يخرج قوله تعالى : { ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها } النساء 93 ) إذا قتله مستحلا له مستحقا بتحريم الله إياه استوجب{[5405]} .

وأما من فعل على غير الاستحلال والاستخفاف بحدوده فالحكم فيه ما ذكرنا الله أعلم .

وقوله تعالى : { عدوانا وظلما } يحتمل ( وجهين :

أحدهما : ){[5406]} الاستحلال دليله قوله عز و جل : كتب عليكم القصاص } وقوله{[5407]} { فمن عفى له من أخيه شيء } وقوله{[5408]} : { ذلك تخفيف من ربكم ورحمة } ( البقرة 178 ) أبقى{[5409]} الأخوة التي كانت بقوله عز و جل : { يا أيها الذين آمنوا } ( البقرة 178 ) فثبت أن الإيمان بعد باق ، فما بقي له الرحمة والأخوة ، وههنا{[5410]} زال . كذلك افترق{[5411]} الاثنان .

والثاني : انه وعد إصلاحهم ولم يذكر الخلود وجائز تعذيبه في الحكمة والتنازع في الخلود .

والأصل في هذا ونحوه أنه لم يتنازع أن يكون فعله . وإنما التنازع في إبقاء اسم الإيمان في لزوم الوعيد فالآية{[5412]} في من لم يبق له الاسم والله أعلم .


[5404]:في الأصل و م: يخلد.
[5405]:في الأصل و م: فاستوجب.
[5406]:ساقطة من الأصل و م.
[5407]:في الأصل و م: ثم قال.
[5408]:في الأصل و م: وقال.
[5409]:في الأصل و م: فأبقى.
[5410]:الواو ساقطة من الأصل و م.
[5411]:في الأصل و م: افتقرت.
[5412]:في الأصل و م: فهي.