فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ عُدۡوَٰنٗا وَظُلۡمٗا فَسَوۡفَ نُصۡلِيهِ نَارٗاۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرًا} (30)

{ ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما وفسقا نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا ( 30 ) إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما ( 31 ) }

{ ومن يفعل ذلك } أي القتل خاصة أو أكل أموال الناس باطلا ، وقيل هو إشارة إلى كل ما نهى عنه في هذه السورة ، وقال ابن جرير : إنه عائد على ما نهى عنه من آخر وعيد وهو قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها } لأن كل ما نهى عنه من أول السورة ، قرن به وعيد إلا من قوله { يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم } فإنه لا وعيد بعده إلا قوله ذلك .

{ عدوانا } على الغير { وظلما } على النفس لا جهلا ونسيانا وسفها ، وعلى هذا لا يرد أنه كيف قدم الأخص على الأعم إذ التجاوز عن العدل جوز ثم الطغيان ثم تعد ، والكل ظلم ، والعدوان تجاوز الحد . والظلم وضع الشيء في غير موضعه ، وقيل إن معنى العدوان والظلم واحد ، وتكريره لقصد التأكيد إلا أن يقال إن العطف باعتبار التغاير في المفهوم كما تقدم ، وخرج بقيد العدوان والظلم ما كان من القتل بحق ، كالقصاص وقتل المرتد وسائر الحدود الشرعية وكذلك القتل الخطأ .

{ فسوف نصليه } أي ندخله في الآخرة { نارا } عظيمة يحترق فيها ، وقرئ نصليه بفتح النون وهو على هذا منقول من صلى ومنه شاة مصلية { وكان ذلك } أي إصلاؤه النار { على الله يسيرا } هينا لأنه لا يعجزه شيء .