تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّآ أَعۡتَدۡنَا لِلۡكَٰفِرِينَ سَلَٰسِلَاْ وَأَغۡلَٰلٗا وَسَعِيرًا} (4)

{ 4 - 22 } ثم ذكر تعالى حال الفريقين عند الجزاء فقال :

{ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَا وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا * إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا }

إلى آخر الثواب أي : إنا هيأنا وأرصدنا لمن كفر بالله ، وكذب رسله ، وتجرأ على المعاصي { سَلَاسِلَ } في نار جهنم ، كما قال تعالى : { ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ } .

{ وَأَغْلَالًا } تغل بها أيديهم إلى أعناقهم ويوثقون بها .

{ وَسَعِيرًا } أي : نارا تستعر بها أجسامهم وتحرق بها أبدانهم ، { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ } وهذا العذاب دائم لهم أبدا ، مخلدون فيه سرمدا .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّآ أَعۡتَدۡنَا لِلۡكَٰفِرِينَ سَلَٰسِلَاْ وَأَغۡلَٰلٗا وَسَعِيرًا} (4)

ومن ثم يأخذ في عرض ما ينتظر الإنسان بعد الابتلاء ، واختياره طريق الشكر أو طريق الكفران .

فأما ما ينتظر الكافرين ، فيجمله إجمالا ، لأن ظل السورة هو ظل الرخاء الظاهر في الصورة والإيقاع . وظل الهتاف المغري بالنعيم المريح . فأما العذاب فيشير إليه في إجمال :

( إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا ) . .

سلاسل للأقدام ، وأغلالا للأيدي ، ونارا تتسعر يلقى فيها بالمسلسلين المغلولين !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّآ أَعۡتَدۡنَا لِلۡكَٰفِرِينَ سَلَٰسِلَاْ وَأَغۡلَٰلٗا وَسَعِيرًا} (4)

يخبر تعالى عما أرصده للكافرين من خلقه به من السلاسل والأغلال والسعير ، وهو اللهب والحريق في نار جهنم ، كما قال : { إِذِ الأغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ } [ غافر : 71 ، 72 ] .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّآ أَعۡتَدۡنَا لِلۡكَٰفِرِينَ سَلَٰسِلَاْ وَأَغۡلَٰلٗا وَسَعِيرًا} (4)

وقوله : إنّا اعْتَدْنا للْكافِرينَ سَلاسِلَ يقول تعالى ذكره : إنا أعتدنا لمن كفر نعمتنا وخالف أمرنا سلاسل يُسْتَوْثَق بها منهم شدّا في الجحيم وأغْلالاً يقول : وتشدّ بالأغلال فيها أيديهم إلى أعناقهم .

وقوله وَسَعَيرا يقول : ونارا تُسْعر عليهم فتتوقد .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّآ أَعۡتَدۡنَا لِلۡكَٰفِرِينَ سَلَٰسِلَاْ وَأَغۡلَٰلٗا وَسَعِيرًا} (4)

و { أعتدنا } معناه أعددناه ، وقرأ نافع والكسائي وأبو بكر عن عاصم «سلاسلاً » بالصرف وهذا على ما حكاه الأخفش من لغة من يصرف كل ما يصرف إلا أفعل{[11498]} وهي لغة الشعراء .

ثم كثر حتى جرى في كلامهم ، وقد علل بعلة وهي أنه لما كان هذا الضرب من الجموع يجمع لشبه الآحاد فصرف ، وذلك من شبه الآحاد موجود في قولهم صواحب وصاحبات وفي قول الشاعر [ الفرزدق ] : [ الكامل ]

نواكسي الأبصار{[11499]}*** بالياء جمع نواكس ، وهذا الأجراء في «سلاسلاً وقواريراً » أثبت في مصحف ابن مسعود ومصحف أبيّ بن كعب ومصحف المدينة ومكة والكوفة والبصرة{[11500]} ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة «سلاسلَ » ، على ترك الصرف في الوقف والوصل ، وهي قراءة طلحة وعمرو بن عبيد ، وقرأ أبو عمرو وحمزة فيما روي عنهما : «سلاسل » في الوصل و «سلاسلاً » دون تنوين في الوقف ، ورواه هشام عن ابن عامر لأن العرب من يقول رأيت عمراً يقف بألف ، وأيضاً فالوقوف ، بالأف «سلاسلا » اتباع لخط المصحف .


[11498]:يريد : "إلا أفعل منك"، لأنه لا يوجد في العرب من يقول مثلا: "أنا أكرم منك" بالتنوين، والسبب أن "من" تقوم مقام الإضافة، ولا يجمع بين تنوين وإضافة في حرف، لأنهما دليلان من دلائل الأسماء ولا يجمع بين دليلين، قال ذلك الفراء.
[11499]:هاتان الكلمتان قالهما الفرزدق في بيت من الشعر من قصيدة يمدح بها آل المهلب، وخص من بينهم "يزيد" ابنه، والبيت هو: وإذا الرجال رأوا يزيد رأيتهم خضع الرقاب نواكس الأبصار وخضع: جمع خضوع مبالغة في خاضع، وهو المتواضع المتطامن، وقد يضبط بسكون الضاد فيقال: خضع، وهو جمع أخضع كأبيض، وهو الذي في عنقه تطامن طبيعي لأنه خلق هكذا، ومعنى نواكس أنهم ينكسون أبصارهم عند رؤيته هيبة وإجلالا له، يقال: "نكس رأسه" إذا طأطأه من الذل، ونواكس جمع ناكس، وهو جمع شاذ، لأن "ناكس" صفة للعاقل، ولا يجمع "فاعل" على "فواعل" إلا إذا كان لغير العاقل، وقد اضطر الفرزدق لذلك لأنه يجوز لك أن تقول: هي الرجل كما تقول: هي الجمال، فشبه الرجال بالجمال، أما رواية البيت "نواكسي" بالياء فلأن الشاعر رد النواكس إلى الرجال، فكأن أصل الكلام: وإذا الرجال رأيتهم نواكس أبصارهم، فكأن النواكس للأبصار فنقلت إلى الرجال فدخلت الياء، وهذا هو موضع الاستشهاد هنا، وفي البيت كلام كثير، راجع كتب النحو، والكتاب لسيبويه، ولسان العرب.
[11500]:يعني أن التنوين في [سلاسلا] و [قواريرا] ثبت في هذه المصاحف، وهذه حجة لمن قرأ بالتنوين، فهو يتبع المصاحف، وهناك حجة ثانية هي أن [قواريرا] الأول نون لأنه رأس آية، وكل رءوس الآيات جاءت منونة، مثل (مذكورا، سميعا بصيرا). ونون [قواريرا] الثاني على الجوار للأول، وهاتان الحجتان غير ما ذكره ابن عطية من أن هذه الجموع أشبهت الآحاد فجمعت جمع الآحاد. وأيضا فإنه قد أشار إلى اتباع خط المصاحف، وأما من ترك التنوين فيهما فقد أتي بمحض قياس العربية ، قاله ابن خالويه.