تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَن تَنفَعَكُمۡ أَرۡحَامُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُمۡۚ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَفۡصِلُ بَيۡنَكُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (3)

فإن احتججتم وقلتم : نوالي الكفار لأجل القرابة والأموال ، فلن تغني عنكم أموالكم ولا أولادكم من الله شيئا . { والله بما تعملون بصير } فلذلك حذركم من موالاة الكافرين الذين تضركم موالاتهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَن تَنفَعَكُمۡ أَرۡحَامُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُمۡۚ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَفۡصِلُ بَيۡنَكُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (3)

هذه هي الجولة الأولى بلمساتها المتعددة . ثم تليها جولة ثانية بلمسة واحدة تعالج مشاعر القرابة ووشائجها المتأصلة ؛ والتي تشتجر في القلوب فتجرها جرا إلى المودة ؛ وتنسيها تكاليف التميز بالعقيدة :

( لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم . يوم القيامة يفصل بينكم . والله بما تعملون بصير ) . .

إن المؤمن يعمل ويرجو الآخرة . يزرع هنا وينتظر الحصاد هناك . فلمسة قلبه بما يكون في الآخرة من تقطيع وشائج القربى كلها إذا تقطعت وشيجة العقيدة ، من شأنها أن تهون عنده شأن هذه الوشائج في فترة الحياة الدنيا القصيرة ؛ وتوجهه إلى طلب الوشيجة الدائمة التي لا تنقطع في دنيا ولا في آخرة :

ومن ثم يقول لهم : ( لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم ) . . التي تهفون إليها وتتعلق قلوبكم بها ؛ وتضطركم إلى موادة أعداء الله وأعدائكم وقاية لها - كما حدث لحاطب في حرصه على أولاده وأمواله - وكما تجيش خواطر آخرين غيره حول أرحامهم وأولادهم الذين خلفوهم في دار الهجرة . لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم . ذلك أنه ( يوم القيامة يفصل بينكم ) . . لأن العروة التي تربطكم مقطوعة . وهي العروة التي لا رباط بغيرها عند الله .

( والله بما تعملون بصير ) . . مطلع على العمل الظاهر والنية وراءه في الضمير

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{لَن تَنفَعَكُمۡ أَرۡحَامُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُمۡۚ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَفۡصِلُ بَيۡنَكُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (3)

وقوله : { لَنْ تَنْفَعَكُمْ أرْحامُكُمْ وَلا أوْلادُكُمْ يَوْمَ القِيامَةِ } يقول تعالى ذكره : لا يدعونكم أرحامكم وقراباتكم وأولادكم إلى الكفر بالله ، واتخاذ أعدائه أولياء تلقون إليهم بالمودّة . فإنه لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم عند الله يوم القيامة ، فتدفع عنكم عذاب الله يومئذ ، إن أنتم عصيتموه في الدنيا ، وكفرتم به .

وقوله : { يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ }يقول جلّ ثناؤه : يفصل ربكم أيها المؤمنون بينكم يوم القيامة بأن يدخل أهل طاعته الجنة ، وأهل معاصيه والكفر به النار .

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء المدينة ومكة والبصرة : «يُفْصَلُ بَيْنَكُمْ » بضم الياء وتخفيف الصاد وفتحها ، على ما لم يسمّ فاعله . وقرأه عامة قرّاء الكوفة خلا عاصم بضم الياء وتشديد الصاد وكسرها بمعنى : يفصل الله بينكم أيها القوم . وقرأه عاصم بفتح الياء وتخفيف الصاد وكسرها ، بمعنى يفصل الله بينكم . وقرأ بعض قرّاء الشام «يُفَصّلُ » بضم الياء وفتح الصاد وتشديدها على وجه ما لم يسم فاعله .

وهذه القراءات متقاربات المعاني صحيحات في الإعراب ، فبأيتها قرأ القارىء فمصيب .

وقوله : { واللّهُ بِمَا تَعْمَلونَ بَصِيرٌ }يقول جلّ ثناؤه : والله بأعمالكم أيها الناس ذو علم وبصر ، لا يخفى عليه منها شيء ، هو بجميعها محيط ، وهو مجازيكم بها إن خيرا فخير ، وإن شرّا فشرّ ، فاتقوا الله في أنفُسكم واحذروه .