تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَلَمَّا جَآءَ سُلَيۡمَٰنَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٖ فَمَآ ءَاتَىٰنِۦَ ٱللَّهُ خَيۡرٞ مِّمَّآ ءَاتَىٰكُمۚ بَلۡ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمۡ تَفۡرَحُونَ} (36)

{ فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ } أي : جاءه الرسل بالهدية { قَالَ } منكرا عليهم ومتغيظا على عدم إجابتهم : { أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ } فليست تقع عندي موقعا ولا أفرح بها قد أغناني الله عنها وأكثر علي النعم ، { بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ } لحبكم للدنيا وقلة ما بأيديكم بالنسبة لما أعطاني الله .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَلَمَّا جَآءَ سُلَيۡمَٰنَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٖ فَمَآ ءَاتَىٰنِۦَ ٱللَّهُ خَيۡرٞ مِّمَّآ ءَاتَىٰكُمۚ بَلۡ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمۡ تَفۡرَحُونَ} (36)

15

ويسدل الستار على المشهد ، ليرفع ، فإذا مشهد رسل الملكة وهديتهم أمام سليمان . وإذا سليمان ينكر عليهم اتجاههم إلى شرائه بالمال ، أو تحويله عن دعوتهم إلى الإسلام . ويعلن في قوة وإصرار تهديده ووعيده الأخير .

( فلما جاء سليمان قال : أتمدونن بمال ? فما آتاني الله خير مما آتاكم . بل أنتم بهديتكم تفرحون . ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ، ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون ) . .

وفي الرد استهزاء بالمال ، واستنكار للاتجاه إليه في مجال غير مجاله . مجال العقيدة والدعوة : ( أتمدونن بمال ? )أتقدمون لي هذا العرض التافه الرخيص ? ( فما آتاني الله خير مما آتاكم )لقد آتاني من المال خيرا مما لديكم . ولقد آتاني ما هو خير من المال على الإطلاق : العلم والنبوة . وتسخير الجن والطير ، فما عاد شيء من عرض الأرض يفرحني ( بل أنتم بهديتكم تفرحون ) . وتهشون لهذا النوع من القيم الرخيصة التي تعني أهل الأرض ، الذين لا يتصلون بالله ، ولا يتلقون هداياه !