معاني القرآن للفراء - الفراء  
{فَلَمَّا جَآءَ سُلَيۡمَٰنَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٖ فَمَآ ءَاتَىٰنِۦَ ٱللَّهُ خَيۡرٞ مِّمَّآ ءَاتَىٰكُمۚ بَلۡ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمۡ تَفۡرَحُونَ} (36)

وقوله : { أَتُمِدُّونَنِي بِمالٍ36 } هي في قراءة عَبد الله بنونين وبَاء مثبتة . وقرأها حمزة . ( أَتُمِدُّونّي بمالٍ ) يريد قراءة عَبد الله فأدغم النونَ في النونِ فَشَدَّدَها . وقرأ عاصم بن أبى النّجُود ( أَتُمِدُّونَنِ بمالٍ ) بنونين بغير يَاء . وكل صوابٌ .

وقوله : { فَما آتَانِيَ اللَّهُ } ولم يقل { فما آتانِيَ الله } لأنها محذوفةُ اليَاء من الكتاب . فمَنْ كانَ ممّن يَسْتجيز الزيادَة في القرآن . من الياء والواو اللاتي يحذفنَ مثل قوله { وَيَدْعُ الإنْسَان بالشَّرِّ } فيثبتُ الواو وليست في المصحف ، أو يقول المنادى للمناد جَاز له أن يقول في { أتمدُّونَنِ } بإثبات اليَاء ، وجاز له أن يُحّركها إلى 137 ا النصب كما قيل { وَمالِي لاَ أَعْبُدُ } فكذلك يجوز { فَما آتانِي الله } ولست أشتهي ذلكَ ولا آخذ به . اتّباعُ المصحف إذا وجدتُ له وجها من كلام العرب وقراءةِ القرّاء أحَبُّ إلىّ من خلافه . وقد كان أبو عَمْرٍو ويقرأ ( إنَّ هَذَيْنِ لسَاحِرَان ) ولست أجترئ على ذلك وقرأ { فَأَصَّدَّقَ وَأَكُونَ } فزاد واواً في الكتاب . ولسْتُ أَسْتحبُّ ذلك .

وقوله : { ارْجِعْ إِلَيْهِمْ37 } هذا من قول سليمان لرسولها ، يعنى بِلقيسَ . وفي قراءة عبد الله ( ارجعوا إليهم ) وهو صَوَاب على ما فسّرت لك منْ قوله { يا أيُّها النَّبيّ إذا طلَّقْتُمُ النِّسَاء } من الذهاب بالواحد إلى الذينَ مَعَه ، في كثير من الكلام .