{ فَاصْبِرْ } يا أيها الرسول كما صبر من قبلك من أولي العزم المرسلين . { إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ } أي : ليس مشكوكًا فيه ، أو فيه ريب أو كذب ، حتى يعسر عليك الصبر ، وإنما هو الحق المحض ، والهدى الصرف ، الذي يصبر عليه الصابرون ، ويجتهد في التمسك به أهل البصائر .
فقوله : { إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ } من الأسباب التي تحث على الصبر على طاعة الله وعن ما يكره الله .
{ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ } المانع لك من تحصيل فوزك وسعادتك ، فأمره بالصبر الذي فيه يحصل المحبوب ، وبالاستغفار الذي فيه دفع المحذور ، وبالتسبيح بحمد الله تعالى خصوصًا { بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ } اللذين هما أفضل الأوقات ، وفيهما من الأوراد والوظائف الواجبة والمستحبة ما فيهما ، لأن في ذلك عونًا على جميع الأمور .
وهنا يجيء الإيقاع الأخير في هذا المقطع ، توجيهاً لرسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ومن كانوا معه من المؤمنين في مكة في موقف الشدة والمعاناة . ولكل من يأتي بعدهم من أمته ، ويواجهون مثل الموقف الذي كانوا فيه :
( فاصبر . إن وعد الله حق . واستغفر لذنبك ، وسبح بحمد ربك ، بالعشي والإبكار ) . .
الإيقاع الأخير . . الدعوة إلى الصبر . . الصبر على التكذيب . والصبر على الأذى . والصبر على نفخة الباطل وانتشائه بالغلبة والسلطان في فترة من الزمان . والصبر على طباع الناس وأخلاقهم وتصرفاتهم من هنا ومن هناك . والصبر على النفس وميولها وقلقها وتطلعها ورغبتها في النصر القريب وما يتعلق به من رغائب وآمال . والصبر على أشياء كثيرة في الطريق قد تجيء من جانب الأصدقاء قبل أن تجيء من جانب الأعداء !
( فاصبر . إن وعد الله حق ) . . مهما يطل الأمد ، ومهما تتعقد الأمور ، ومهما تتقلب الأسباب . إنه وعد من يملك التحقيق ، ومن وعد لأنه أراد .
( واستغفر لذنبك ، وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار ) . .
هذا هو الزاد ، في طريق الصبر الطويل الشاق . استغفار للذنب ، وتسبيح بحمد الرب . والاستغفار المصحوب بالتسبيح وشيك أن يجاب ، وهو في ذاته تربية للنفس وإعداد . وتطهير للقلب وزكاة . وهذه هي صورة النصر التي تتم في القلب ، فتعقبها الصورة الأخرى في واقع الحياة .
واختيار العشي والإبكار . إما كناية عن الوقت كله - فهذان طرفاه - وإما لأنهما آنان يصفو فيهما القلب ، ويتسع المجال للتدبر والسياحة مع ذكر الله .
هذا هو المنهج الذي اختاره الله لتوفير عدة الطريق إلى النصر وتهيئة الزاد . ولا بد لكل معركة من عدة ومن زاد . .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.