تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ٱلۡغَٰشِيَةِ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة الغاشية وهي مكية

{ 1 - 16 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً * تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ * لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ * لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ * لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً * فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ * فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ * وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ * وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ * وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ }

يذكر تعالى أحوال يوم القيامة وما فيها من الأهوال الطامة ، وأنها تغشى الخلائق بشدائدها ، فيجازون بأعمالهم ، ويتميزون [ إلى ] فريقين : فريقًا في الجنة ، وفريقًا في السعير .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ٱلۡغَٰشِيَةِ} (1)

بسم الله الرحمَن الرحيم

القول في تأويل قوله تعالى : { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نّاصِبَةٌ * تَصْلَىَ نَاراً حَامِيَةً * تُسْقَىَ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ * لّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاّ مِن ضَرِيعٍ * لاّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِن جُوعٍ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : هَلْ أتاكَ يا محمد حَدِيثُ الْغاشِيَةُ يعني : قصتها وخبرها . واختلف أهل التأويل في معنى الغاشية ، فقال بعضهم : هي القيامة تغشى الناس بالأهوال . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس الْغاشِيَةُ من أسماء يوم القيامة ، عظّمه الله ، وحذّره عباده .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : هَلْ أتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ قال : الغاشية : الساعة .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، في قوله : هَلْ أتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ قال : الساعة .

وقال آخرون : بل الغاشية : النار تغشَى وجوه الكَفَرة . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن أشعث ، عن سعيد ، في قوله : هَلْ أتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ قال : غاشية النار .

. . . والصواب من القول في ذلك : أن يقال : إن الله قال لنبيه صلى الله عليه وسلم : هَلْ أتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ ولم يخبرنا أنه عنى غاشية القيامة ، ولاأنه عنى غاشية النار ، وكلتاهما غاشية ، هذه تغشى الناس بالبلاء والأهوال والكروب ، وهذه تغشى الكفار باللفْح في الوجوه ، والشّواظ والنّحاس ، فلا قول في ذلك أصحّ من أن يقال كما قال جلّ ثناؤه ، ويعمّ الخبر بذلك كما عمه .