تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ أَهۡلَكۡنَا ٱلۡقُرُونَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَآءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَمَا كَانُواْ لِيُؤۡمِنُواْۚ كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡمُجۡرِمِينَ} (13)

يخبر تعالى أنه أهلك الأمم الماضية بظلمهم وكفرهم ، بعد ما جاءتهم البينات على أيدي الرسل وتبين الحق فلم ينقادوا لها ولم يؤمنوا . فأحل بهم عقابه الذي لا يرد عن كل مجرم متجرئ على محارم الله ، وهذه سنته في جميع الأمم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ أَهۡلَكۡنَا ٱلۡقُرُونَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَآءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَمَا كَانُواْ لِيُؤۡمِنُواْۚ كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡمُجۡرِمِينَ} (13)

وبعد أن بين - سبحانه - جانباً من شأنه مع الناس ومن شأنهم معه . أتبع ذلك ببيان مصير الأمم الظالمة ليكون في ذلك عبرة وعظة فقال - تعالى - :

{ وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا القرون مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا . . . } .

الخطاب في قوله : { وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا . . } لأهل مكة الذين كانوا معاصرين للنبي - صلى الله عليه وسلم - ومناوئين لدعوته ، ويدخل فيه غيرهم ممن يصلح للخطاب على سبيل التبع .

والقرون جمع قرن . والقرن - كما يقول القرطبي - الأمة من الناس ، قال الشاعر :

إذا ذهب القرن الذي كنت فيهم . . . وخلفت في قرن فأنت غريب

فالقرن كل عالم في عصره ، مأخذو من الاقتران ، أى : عالم مقترن بعضهم إلى بعض .

وفي الحديث الشريف : " خير القرون قرني - يعني أصحابي - ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم " .

فالقرن على هذا مدة من الزمان . قيل : ستون عاما ، وقيل سبعون ، وقيل ثمانون ، وقيل : مائة سنة ، وعليه أكثر أصحاب الحديث ، أن القرن مائة سنة ، واحتجوا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعبد الله بن بسر : " تعيش قرنا " فعاش مائة سنة .

و { لما } ظرف بمعنى حين ، وهو متعلق بقوله { أَهْلَكْنَا } .

والمعنى : ولقد أهكلنا أهل القرون السابقة عليكم يا أهل مكة . حين استمروا في ظلمهم وعنادهم ، وحين أصروا على كفرهم بعد أن جاءتهم رسلهم بالدلائل الدالة على وحدانية الله ، وعلى صدقهم فيها يبلغونه عن ربهم فعليكم - أيها الغافلون - أن تثوبوا إلى رشدكم ، وأن تتبعوا الحق الذي جاءكم به نبيكم كي لا يصيبكم ما أصاب الظالمين من قبلكم .

وقوله : { وَجَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بالبينات } يدل على إفراط أولئك المهلكين في الظلم ، وبلوغهم فيه أقصى الغايات ، لأنهم مع وضوح الشواهد على صدق الرسل ، استمروا في جحودهم وظلمهم .

وقوله : { وَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ } معطوف على { ظَلَمُواْ } أى : أهلكنا أهل القرون السابقين عليكم حين استمروا على ظلمهم ، وحين علم الله - منهم الإِصرار على الكفر ، فإهلاكهم كان بسبب مجموع هذين الأمرين .

وقوله : { كذلك نَجْزِي القوم المجرمين } تذييل قصد به التهديد والوعيد .

أي : مثل ذلك الجزاء الأليم وهو إهلاك الظالمين ، نجزي القوم المجرمين في كل زمان ومكان .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ أَهۡلَكۡنَا ٱلۡقُرُونَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَآءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَمَا كَانُواْ لِيُؤۡمِنُواْۚ كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡمُجۡرِمِينَ} (13)

هذه الآية وعيد للكفار وضرب أمثال لهم ، أي كما فعل هؤلاء فعلكم فكذلك يفعل بكم ما فعل بهم ، وقوله ، { وما كانوا ليؤمنوا } إخبار عن قسوة قلوبهم وشدّة كفرهم ، وقرأ جمهور السبعة وغيرهم : «نجزي » بنون الجماعة ، وفرقة «يجزي » بالياء على معنى يجزي الله .