تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَلَقَدۡ أَهۡلَكۡنَا ٱلۡقُرُونَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَآءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَمَا كَانُواْ لِيُؤۡمِنُواْۚ كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡمُجۡرِمِينَ} (13)

13 { وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ } .

هذه الآية خطاب لأهل مكة ، وفيها تذكير وتحذير .

والمعنى : ولقد أهلكنا أهل القرون السابقة من قبلكم بسبب ظلمهم وكفرهم ، مثل : قوم نوح ، وعاد قوم هود ، وثمود قوم صالح ، وفرعون وقومه ، والرومان واليونان ، وكل أمة كذبت رسل الله أو كفرت بنعمة الله .

فإما أن يعذبها عذاب استئصال بالغرق أو الصاعقة والهلاك ، وإما أن يعاقبها بالفقر واستيلاء الآخرين على أرضها ، وسيطرتهم على أملاكها مثل : قوم سبإ .

قال تعالى : { ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور } ( سبأ : 17 ) .

وقال سبحانه : { وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون } . ( النحل : 112 ) .

{ وجاءتهم رسلهم بالبينات } . لقد أرسل الله لهم الرسل ، وأنزل عليهم الكتب ، وقدم مع الرسل المعجزات ، مثل : ناقة صالح ، وعصا موسى ، وإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله على يد عيسى ؛ لكنهم كذبوا هذه المعجزات الظاهرة ؛ التي لا ينبغي فيها التكذيب والكفران ، لأنها تدعوا إلى التصديق والإيمان .

{ وما كانوا ليؤمنوا } .

وما صح لهم وما استقام أن يؤمنوا ؛ لعدم استعدادهم لذلك ؛ إذ أفسدوا فطرتهم ؛ باختيارهم الضلالة على الهدى .

{ كذلك نجزي القوم المجرمين } .

أي : مثل ذلك الجزاء الأليم الذي حل بالمكذبين ، من الأمم الماضية ؛ نجزي كل طائفة أجرمت وطغت وبغت وكفرت بأنعم الله .

في هذه الآية تهديد لأهل مكة ولأمثالهم ؛ بأن يهلكهم الله إذا كذبوا محمدا صلى الله عليه وسلم ، لكن حكمة الله اقتضت تأجيل وقوع العذاب بهم ؛ أملا في استغفارهم وتوبتهم .