تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَقَدۡ أَهۡلَكۡنَا ٱلۡقُرُونَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَآءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَمَا كَانُواْ لِيُؤۡمِنُواْۚ كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡمُجۡرِمِينَ} (13)

وقوله تعالى : ( وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا ) فإن قيل : قد أهلك من ظلم ومن لم يظلم ، فما يعلم من أهلك من الظلمة أنه إنما أهلكهم لظلمهم ، أو أهلك لصلاح من لم يظلم ، قيل له : أهلك الظلمة إهلاك استئصال وعقوبة ، وأهلك من لم يظلم لا إهلاك عقوبة واستئصال ، وإنما هو إهلاك بآجالهم التي جعل لهم .

ويحتمل قوله تعالى : ( ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات ) [ أنه ][ ساقطة من الأصل وم ] إنما أهلك أولئك بسؤالهم الذي سألوا سؤال تعنت رسلهم الآيات . فإذا جاؤوا بتلك الآيات كذبوها ، فأهلكوا عند ذلك .

فأنتم يا يأهل مكة إذا سألتم رسولكم الآية ، ثم كذبتموها[ في الأصل وم : كذبوها ] ، لعذبكم كما يعذب أولئك ، إذ من حكمه الإهلاك على إثر السؤال ، كأنه ينهى أهل مكة عن سؤال الآيات لأن[ في الأصل وم : فان ] على إثره الإهلاك إذا لم يقبلوها .

وقوله تعالى : ( وجاءتهم رسلهم بالبينات ) تحتمل البينات التي تبين ما يؤتى وما يتقى ، وقد ذكرناها في غير موضع ( وما كانوا ليؤمنوا ) يخبر رسوله أنهم ، وإن سألوك الآيات ، فإذا جئت بها فإنهم لا يؤمنون ؛ يعني أهل مكة ( كذلك نجزي القوم المجرمين ) كل مجرم .