تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَأَخۡرَجَ لَهُمۡ عِجۡلٗا جَسَدٗا لَّهُۥ خُوَارٞ فَقَالُواْ هَٰذَآ إِلَٰهُكُمۡ وَإِلَٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ} (88)

وكان السامري قد بصر يوم الغرق بأثر الرسول ، فسولت له نفسه أن يأخذ قبضة من أثره ، وأنه إذا ألقاها على شيء حيي ، فتنة وامتحانا ، فألقاها على ذلك العجل الذي صاغه بصورة عجل ، فتحرك العجل ، وصار له خوار وصوت ، وقالوا : إن موسى ذهب يطلب ربه ، وهو هاهنا فنسيه ، وهذا من بلادتهم ، وسخافة عقولهم ، حيث رأوا هذا الغريب الذي صار له خوار ، بعد أن كان جمادا ، فظنوه إله الأرض والسماوات .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَأَخۡرَجَ لَهُمۡ عِجۡلٗا جَسَدٗا لَّهُۥ خُوَارٞ فَقَالُواْ هَٰذَآ إِلَٰهُكُمۡ وَإِلَٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ} (88)

ثم بين - سبحانه - ما صنعه لهم السامرى من تلك الحلى فقال : { فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ فَقَالُواْ هاذآ إلهكم وإله موسى فَنَسِيَ } .

والخوار : الصوت المسموع .

أى : فكانت نتيجة ما قذفوه من الحلى فى النار ، أن أخرج السامرى لهم من ذلك { عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ } أى : صوت كصوت البقر .

قيل : إن الله - تعالى - خلق الحياة فى ذلك العجل على سبيل الاختبار والامتحان لهم .

وقيل : لم تكن به حياة ، ولكن السامرى صنعه لهم بدقة ، وجعل فيه منافذ إذا دخلت فيها الريح أخرجت منه صوتا كصوت خوار البقر .

فقال بنو إسرائيل عندما رأوا العجل الذى صنعه لهم السامرى : هذا إلهكم وإله موسى فاعبدوه ، لأن موسى نسى إلهه هنا ، وذهب ليبحث عنه فى مكان آخر ، فالضمير فى قوله { فَنَسِيَ } يعود لموسى .

وقولهم هذا يدل على بلادتهم وسوء أدبهم مع نبيهم ، فهم لم يكتفوا بعبادة العجل ، بل زعموا أن نبيهم الداعى لهم إلى توحيد الله ، قد كان يعبد العجل وأنه قد نسى مكانه فذهب يبحث عنه .

وقيل : إن الذى حدث منه النسيان هو السامرى ، وأن النسيان بمعنى الترك ، أى : فترك السامرى ما كان عليه من الإيمان الظاهرى ، ونبذ الدين الذى بعث الله - تعالى - به موسى ، وحض الناء على عبادة العجل الذى صنعه لهم .

والقول الأول هو أرجح ، لأنه هو الظاهر من معنى الآية الكريمة ، ولأنه هو المأثور عن السلف .

قال ابن جرير : " وأولى الأقوال بالصواب عندنا أن يكون { فَنَسِيَ } خبرا من الله - تعالى - عن السامرى ، وأنه وصف موسى بأنه نسى ربه ، وأن ربه الذى ذهب يريده هو العجل الذى أخرجه السامرى ، لإجماع الحجة من أهل التأويل عليه ، ولأنه عقيب ذكر موسى ، وهو أن يكون خبرا من السامرى عنه بذلك أشبه من غيره " .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَأَخۡرَجَ لَهُمۡ عِجۡلٗا جَسَدٗا لَّهُۥ خُوَارٞ فَقَالُواْ هَٰذَآ إِلَٰهُكُمۡ وَإِلَٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ} (88)

{ فأخرج لهم عجلا جسدا } من تلك الحلي المذابة . { له خوار } صوت العجل . { فقالوا } يعني السامري ومن افتتن به أول ما رآه . { هذا إلهكم وإله موسى فنسي } أي فنسيه موسى وذهب يطلبه عند الطور أو فنسي السامري أن ترك ما كان عليه من إظهار الإيمان .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَأَخۡرَجَ لَهُمۡ عِجۡلٗا جَسَدٗا لَّهُۥ خُوَارٞ فَقَالُواْ هَٰذَآ إِلَٰهُكُمۡ وَإِلَٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ} (88)

ثم أخبر الله تعالى عن فعل السامري بقوله تعالى : { فأخرج لهم عجلاً جسداً } ، ومعنى قوله { جسداً } أي شخصاً لا روح فيه ، وقيل معنى { جسداً } لا يتغذى . و «الخوار » صوت البقر ، وقالت فرقة كان هذا العجل يخور ويمشي ع وهكذا تكون الفتنة من قبل الله تعالى قاله ابن عباس ، وقالت فرقة إنما خار مرة واحدة . ثم لم يعد وقالت فرقة إنما كان خواره بالريح كانت تدخل من دبره وتخرج من فيه فيصوت لذلك .

الضمير في قوله { فقالوا } لبني إسرائيل ، أي قالوا حين قال كبارهم لصغارهم وهذا إشارة إلى العجل .

قوله تعالى { فنسي } يحتمل أن يكون من كلام بني إسرائيل أي فنسي موسى ربه وإلهه فذهب يطلبه في غير موضعه ، ويحتمل أن يكون قوله { فنسي } إخباراً من الله تعالى عن السامري ، أي نسي دينه وطريق الحق ع فالنسيان في التأويل الأول{[8147]} بمعنى الذهول ، وفي الثاني بمعنى الترك ،


[8147]:في بعض النسخ: "في هذا التأويل".