الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{فَأَخۡرَجَ لَهُمۡ عِجۡلٗا جَسَدٗا لَّهُۥ خُوَارٞ فَقَالُواْ هَٰذَآ إِلَٰهُكُمۡ وَإِلَٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ} (88)

قوله تعالى ذكره : { فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار }[ 86 ] إلى قوله : { وأطيعوا أمري }[ 89 ] .

أي : أخرج لهم السامري من الحلي الذي قذفوه في النار ، وألقى هو عليه التربة التي كانت معه ، عجلا مجسدا{[45417]} ، أي : له جسد لا روح فيه .

وقيل : كان لا رأس له ، فلذلك قيل{[45418]} جسدا .

وقوله : ( له خوار ) ، أي : له صوت مثل{[45419]} البقر .

قال قتادة : ( كان الله جل ذكره وقت لموسى ثلاثين ليلة ، ثم أتمها بعشر ، فلما مضت الثلاثون ، قال عدو الله السامري : إنما أصابكم ما أصابكم بالحلي الذي كان معكم ، ( يعني إنما أبطأ عليكم{[45420]} موسى عقوبة من أجل الحلي ، ثم قال لهم ){[45421]} : فهلموا وكانت حليا تعوروها من آل فرعون ، فساروا وهي معهم ، فدفعوها إليه ، فصورها{[45422]} صورة بقرة ، وكان قد صر في عمامته أو ثوبه قبضة من أثر فرس جبريل صلى الله عليه وسلم فقذفها في الحلي والصورة فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار ، فجعل خوار البقرة ، فقال : هذا إلهكم وإله موسى{[45423]} .

وقال السدي : إن هارون قال لهم : يا بني إٍسرائيل ، إن الغنيمة لا تحل لكم ، وإن حلي{[45424]} القبط إنما هو غنيمة ، فاجمعوها جميعا واحفروا{[45425]} لها حفرة فادفنوها{[45426]} ، فإن جاء موسى فأحلها أخذتموها ، وإلا كان شيئا لم تأكلوه{[45427]} . فجمعوا ذلك الحلي{[45428]} في حفرة ، فجاء{[45429]} السامري بتلك القبضة التي من حافز فرس جبريل عليه السلام ، فقذفها فأخرج الله من الحلي عجلا جسدا له خوار ، وعدت بنو إسرائيل موعد موسى ، فعدوا الليلة يوما واليوم يوما ، فلما كان العشرون{[45430]} خرج لهم العجل ، فلما رأوه ، قال لهم السامري : هذا إلهكم وإله موسى ، { فنسي } ، فعكفوا عليه يعبدونه ، وكان يخور ويمشي{[45431]} .

وقوله : { فنسي } يعني فنسي السامري دينه ، أي تركه حين أمرهم بعبادة العجل .

قال ابن عباس : { فنسي } : أي : ترك السامري ما كان عليه من الإيمان{[45432]} ، فيكون { فنسي } من قول الله جل ذكره ، إخبارا عن السامري .

وعن ابن عباس أيضا : { فنسي } أي : فنسي موسى إلهه عندكم وذهب يطلبه ، فأضله ولم يهتد إليه{[45433]} .

فيكون { فنسي } من قول السامري لبني إسرائيل ، وهو قول مجاهد وقتادة والسدي والضحاك وابن زيد{[45434]} .

وقيل : معناه : فنسي موسى الطريق وضل عنه .

وقيل : فنسي السامري العهد الذي عهد إليه في الإيمان ، فيكون / { فنسي } على هذا القول من الترك . وعلى القولين الأولين من النسيان .


[45417]:ز: جسدا.
[45418]:ز: قال.
[45419]:مثل سقطت من ز.
[45420]:ز: عنكم.
[45421]:ما بين القوسين إدراج من مكي ولم يذكره الطبري في جامع البيان 16/200.
[45422]:ع: فصوروها. والتصحيح من ز.
[45423]:انظر: جامع البيان 16/200 وتفسير القرطبي 11/235.
[45424]:ز: الحلى.
[45425]:ز: وحفروا.
[45426]:ز: فدفنوها.
[45427]:ز: تأكلوها.
[45428]:الحلي سقطت من ز.
[45429]:ز: وجاء
[45430]:ز: العشرين.
[45431]:انظر: جامع البيان 16/200 وانظر: قصة السامري في تفسير القرطبي 7/284.
[45432]:انظر: جامع البيان 16/200 وزاد المسير 5/315.
[45433]:انظر: زاد المسير 5/315.
[45434]:انظر: جامع البيان 16/201.