بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{فَأَخۡرَجَ لَهُمۡ عِجۡلٗا جَسَدٗا لَّهُۥ خُوَارٞ فَقَالُواْ هَٰذَآ إِلَٰهُكُمۡ وَإِلَٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ} (88)

وروى سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : كان السامري من أهل قرية يعبدون البقر ، فدخل في بني إسرائيل وأظهر الإسلام معهم ، وفي قلبه حب عبادة البقر ، فابتلى الله عز وجل به بني إسرائيل ؛ فكشف له عن بصره ، فرأى أثر فرس جبريل عليه فأخذ من أثرها . وقد كان هارون قال لبني إسرائيل : إنكم قد تحملتم من حلي آل فرعون وأمتعتهم معكم ، وهي نجسة فتطهروا منها ، وأوقدوا لهم ناراً فأحرقوها فيه .

فجعلوا يأتون بالحلي والأمتعة فيقذفونها في النار ، فانسبك الحلي . وأقبل السامري وفي يده تلك القبضة من أثر فرس الرسول يعني جبريل عليه السلام فوقف فقال : يا نبي الله ألقها فيه . فقال : نعم . وهارون لا يظن إلا أنه من الحلي الذي يأتي به بنو إسرائيل ، فقذفها فيه وقال : كن عجلاً جسداً له خوار وقال السدي : جاء جبريل ليذهب بموسى إلى ربه ، وجبريل على فرس ، فبصر به السامري : ويقال : إن ذلك الفرس فرس الحياة فأخذ قبضة من أثر حافر الفرس ، فلما ألقى التراب في الحلي صار عجلاً جسداً له خوار ، فذلك قوله تعالى : { فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ فَقَالُواْ هذا إلهكم وإله موسى } .

وقال بعضهم : كان السامري من بني إسرائيل وقد ولدته أمه في غار مخافة أن يذبح ، فرباه جبريل عليه السلام في الغار حتى كبر ؛ فلما رأى جبريل على فرس الحياة ، عرفه لأنه قد كان رآه في صغره . فأخذ قبضة من تراب من أثر حافر فرسه ، ثم ألقاها في جوف العجل ، فصار عجلاً له خوار ، يعني : صوتاً . وقال مجاهد : خوار العجل كان هفيف الريح إذا دخلت جوفه ؛ وهكذا روي عن علي بن أبي طالب ، وإحدى الروايتين عن ابن عباس أنه قال : صار عجلاً له لحم ودم وخرج منه الصوت مرة واحدة . فقال : { هذا إلهكم } ، يعني : قال السامري وَإلَهُ مُوسَى { فَنَسِىَ } ، يعني : أخطأ موسى الطريق . وروى عكرمة عن ابن عباس قوله : { فَنَسِىَ } أي نسي موسى أن يخبركم أن هنا إله ، وقال قتادة : قوله { هذا إلهكم وإله موسى } ولكن موسى نسي ربه عندكم .