تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَٰتِلُوهُمۡ يُعَذِّبۡهُمُ ٱللَّهُ بِأَيۡدِيكُمۡ وَيُخۡزِهِمۡ وَيَنصُرۡكُمۡ عَلَيۡهِمۡ وَيَشۡفِ صُدُورَ قَوۡمٖ مُّؤۡمِنِينَ} (14)

فإن كنتم مؤمنين فامتثلوا لأمر اللّه ، ولا تخشوهم فتتركوا أمر اللّه ، ثم أمر بقتالهم وذكر ما يترتب على قتالهم من الفوائد ، وكل هذا حث وإنهاض للمؤمنين على قتالهم ، فقال : { قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ ْ } بالقتل { وَيُخْزِهِمْ ْ } إذا نصركم اللّه عليهم ، وهم الأعداء الذين يطلب خزيهم ويحرص عليه ، { وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ ْ } هذا وعد من اللّه وبشارة قد أنجزها . { وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَٰتِلُوهُمۡ يُعَذِّبۡهُمُ ٱللَّهُ بِأَيۡدِيكُمۡ وَيُخۡزِهِمۡ وَيَنصُرۡكُمۡ عَلَيۡهِمۡ وَيَشۡفِ صُدُورَ قَوۡمٖ مُّؤۡمِنِينَ} (14)

ثم أمرهم - سبحانه - أمراً صريحاً قاطعاً بمقاتلة المشركين . ورتب على هذه المقاتلة خمسة أنواع من الفوائد فقال : { قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ الله بِأَيْدِيكُمْ } .

أى : أقدموا على قتالهم وباشروهم بشجاعة وإخلاص كما أمركم ربكم ، فإنكم متى فعلتم ذلك { يُعَذِّبْهُمُ الله بِأَيْدِيكُمْ } بسبب ما تنزلونه بهم من قتل وأسر وجراحات بليغة ، وإغتنام للأموال .

وأسند - سبحانه - التعذيب إليه ، لأنه أمر زائد على أسبابه من الطعن والضرب وما يفضيان إليه من القتل والجرح . . والأسر . تلك هي الفائدة الأولى من قتالهم .

أما الفائدتان الثانية والثالثة فتتجليان في قوله . تعالى . { وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ } .

أى : ويخزهم بسبب ما ينزل بهم من هزيمة وهوان وهم يتفاخرون بقواتهم وبأسهم ، وينصركم عليهم بأن يجعل كلمتكم هي العليا وكلمتهم هي السفلى .

قال الإِمام الرازى : فإن قالوا : لما كان حصول ذلك الخزى مستلزما لحصول هذا النصر ، كان إفراده بالذكر عبثاً ؟

فتقول : ليس الأمر كذلك ، لأنه من المحتمل أن يحصل الخزى لهم من جهة المؤمنين ، إلا أن المؤمنين قد تحصل لهم آفة لسبب آخر ، فلما قال : { وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ } دل على أنهم ينتفعون بهذا النصر والفتح والظفر .

والفائدة الرابعة بينها - سبحانه - في قوله { وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ } .

أى : أنكم بقتالكم لهم وانتصاركم عليهم ، تشفون قلوب جماعة من المؤمنين من غيظها المكظوم ، لأن هذه الجماعة قد لقيت ما لقيت من أذى المشركين وظلمهم وغدرهم . . فكان انتصاركم عليهم شفاء لصدورهم .

قالوا : المراد بهؤلاء القوم بنو خزاعة الذين غدر بهم بنو بكر بمساعدة قريش .

والأولى أن تكون الجملة الكريمة عامة في كل من آذاهم المشركون .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَٰتِلُوهُمۡ يُعَذِّبۡهُمُ ٱللَّهُ بِأَيۡدِيكُمۡ وَيُخۡزِهِمۡ وَيَنصُرۡكُمۡ عَلَيۡهِمۡ وَيَشۡفِ صُدُورَ قَوۡمٖ مُّؤۡمِنِينَ} (14)

{ قاتلوهم } أمر بالقتال بعد بيان موجبه والتوبيخ على تركه والتوعد عليه . { يعذّبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم } وعد لهم إن قاتلوهم بالنصر عليهم والتمكن من قتلهم وإذلالهم . { ويشف صدور قوم مؤمنين } يعني بني خزاعة . وقيل بطونا من اليمن وسبأ قدموا مكة فأسلموا فلقوا من أهلها أذى شديدا فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أبشروا فإن الفرج قريب " .