تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{قَٰتِلُوهُمۡ يُعَذِّبۡهُمُ ٱللَّهُ بِأَيۡدِيكُمۡ وَيُخۡزِهِمۡ وَيَنصُرۡكُمۡ عَلَيۡهِمۡ وَيَشۡفِ صُدُورَ قَوۡمٖ مُّؤۡمِنِينَ} (14)

ثم وعدهم النصر ، فقال : { قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم } بالقتل ، { ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين } [ آية :14 ] ، وذلك أن بنى كعب قاتلوا خزاعة ، فهزموهم وقتلوا منهم ، وخزاعة صلح النبي صلى الله عليه وسلم ، وأعانوهم كفار مكة بالسلاح على خزاعة ، فاستحل النبي صلى الله عليه وسلم قتال كفار مكة بذلك ، وقد ركب عمرو بن عبد مناة الخزاعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة مستيعنا به ، فقال له :

اللهم إني ناشد محمدا *** حلف أبينا وأبيه الأتلدا

كان لنا أبا وكنا ولدا *** نحن ولدناكم فكنتم ولدا

ثمت أسلمنا ولم ننزع يدا *** فانصر رسول الله نصرا أيدا

وادع عباد الله يأتوا مددا *** فيهم رسول الله قد تجردا

في فليق كالبحر يجرى مزيدا *** إن قريشا أخلفوك الموعدا

ونقضوا ميثاقك المؤكد *** ونصبوا لي في الطريق مرصدا

وبيتونا بالوتين هجدا *** وقتلونا ركعا وسجدا

وزعموا أن لست أدعو أحدا *** وهم أذل وأقل عددا

قال : فدمعت عينا النبي صلى الله عليه وسلم ونظر إلى سحابة قد بعثها الله عز وجل ، فقال : "والذي نفسي بيده ، إن هذه السحابة لتستهل بنصر خزاعة على بني ليث بن بكر" ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة ، فعسكر وكتب حاطب إلى أهل مكة بالعسكر ، وسار النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة فافتتحها ، وقال لأصحابه : "كفوا السلاح ، إلا عن بني بكر إلى صلاة العصر" وقال لخزاعة أيضا : "كفوا ، إلا عن بني بكر" فأنزل الله تعالى : { ويشف صدور قوم مؤمنين } ، يعنى قلوب قوم مؤمنين ، يعنى خزاعة .