تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَٰتِلُوهُمۡ يُعَذِّبۡهُمُ ٱللَّهُ بِأَيۡدِيكُمۡ وَيُخۡزِهِمۡ وَيَنصُرۡكُمۡ عَلَيۡهِمۡ وَيَشۡفِ صُدُورَ قَوۡمٖ مُّؤۡمِنِينَ} (14)

وقوله تعالى : ( قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمْ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ ) الآية ؛ علم الله عز وجل كراهة[ من م ، في الأصل : كرامة ] القتل وثقله على الخلق ، فأمر المؤمنين بمقاتلة الكفرة ، ووعد لهم النصر والتعذيب . والتعذيب بأيديهم يحتمل وجهين : القتل والإهلاك ، ويحتمل الأسر والسبي . ( ويخزيهم ) يحتمل أيضا وجهين : يحتمل الهزيمة والإذلال [ في الدنيا ][ من م ، ساقطة من الأصل ] ويحتمل ( وخزهم ) في الآخرة كقوله : ( ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته )[ آل عمران : 192 ] الخزي هو العذاب الذي فيه الفضيحة و الذلة .

وفي قوله تعالى : ( قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ) دلالة نقض قول المعتزلة لقولهم : لا[ أدرج قبلها في الأصل وم : أن ] قدرة لله على أفعال الخلق ؛ وقد أخبر أنه يعذبهم بأيديهم ، ولو كان غير قادر على أفعالهم كان يعذبهم بيده لا بأيديهم ، وينصركم عليهم .

وعد لهم النصر عليهم والظفر وخزي الكفرة ، وهو ما ذكر ( قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا )[ التوبة : 52 ] دلالة نقض قولهم لأنه أخبر أنه يصيبهم العذاب من عنده أو بأيدي المؤمنين لما ذكرنا .

وقوله تعالى : ( ويشف صدور قوم مؤمنين ) يحتمل أن تكون قلوبهم توجعت ، وتألمت بكفرهم بالله وتكذيبهم الرسول ، فوعد شفاء صدورهم . وذلك يحتمل وجهين :

أحدهما : أنهم يسلمون ، فيصيرون إخوانا ، فيدخل فيهم السرور والفرح فإزاء ما حزنوا وتألموا ، وذلك شفاء صدورهم .

والثاني : ( ويشف صدور قوم مؤمنين ) بالقتل والهزيمة ؛ يقتلون ، ويهزمون ؛ ففي ذلك شفاء صدورهم لما تألمت ، وتوجعت ، بالتكذيب والكفر بالله وآياته .